هل من الممكن أن يعيش الإنسان المغربي كجلمود صخرة لكي ينعم بالسلام ؟ وهل خلق هذا المغربي و وُهِبَ العقل ليُعتقل أم ليفكر ويعبر ؟ فالواقع الذي نعيشه اليوم يتطلب من الإنسان أن يعيش وكأنه لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم ، وذلك رادع لعدة أسباب لا يمكن حصرها ، وازدادت المشكلات و الفساد في كل مكان ولم يعد أحد يهتم بالإنسان نفسه وحقوقه !
تحوّلت أولويات صانع القرار إلى المال والجاه والمنصب ، ووضع الإنسانية على الجانب الذي لا ينظر أحد إليه بتاتا . كما أن الحكومة ” المحكومة ” أصبحت استبدادية بشكل مثير للغضب ، وتستخدم القوة من أجل منع أي شخص عن التعبير خصوصا إذا كان رأيه معارضا لسياسة الدولة أو بالأصح للملك ، فهذا ما هو إلا دليل قاطع على الإفلاس الروحي والأخلاقي والفكري للنظام الاستبدادي .
على الرغم من أن حرية الرأي إرث إنساني كلف الإنسان عدة قرون من الثبات والثورات من أجل التعبير وكان الهدف إصلاحيا ، إلا أن ذلك لم يدم طويلا ، بل كانت هناك محاولات للسيطرة عليهم ، وما زالت !
إن النظام المغربي ، يستخدم سياسة تكميم الأفواه وقمع حرية التعبير ، والمخيف هنا أن الملك يعتقد بأن هذا هو الطريق الأمثل لمنع الاحتجاجات مثلما حدث في الكثير من الدول -والتي لُقبت بثورات الربيع العربي- وكما أيضا سيحدث في المستقبل القريب ، بسبب ارتفاع نسبة البطالة و ارتفاع الديون الخارجية التي تُحَوَّلُ إلى حسابات خاصة ” تقرير البنك الدولي ” و كذا نهب الخيرات الداخلية.
فوضعنا في الدول مخيف جدا ، إلا أننا قد وصلنا إلى زمن يُفترض بأنه وقت لحرية التعبير وطرح الآراء لبناء مجتمع إيجابي يسعى للتطور على جميع الأصعدة ، وهذا ما مكّن شعبنا الأبي من رفض فكرة قمع حرياتهم وتكميم أفواههم . فقد تُعد حرية التعبير هي الحق السياسي لإيصال ما يوّد الشخص قوله ، إلا أن ذلك لم يعد حقا ، بل أصبح يشكل خطرا على حياة هؤلاء الأشخاص الذين يقومون بالتعبير عن آرائهم ، وذلك للحد من عدد المعارضين كي لا يثورون على الحكم أو على النظام . فسيبقى الوضع في مغرب الاستثاناءات كما هو الآن ولن يتغير شيء حتى تتغير السياسات والنظام وطرق التفكير لدى صانع القرار بما يخص حرية التعبير ، حيث لن يتحقق الإصلاح الاجتماعي في دولتنا حتى يتم كسر حاجز الخوف من التعبير عن الظلم والفساد الذي يسود على الشعب والذي كان السبب في توليد مجتمع سلبي فاقد الأمان وباحث عن حقوقه.
لذلك ، نجد أن شبابنا المعارضين تواجههم انتهاكات متواصلة ، وذلك بما يخدم أصحاب السلطات و النظام الحاكم . ويمكننا الاستشهاد بما حدث و يحدث من اعتقالات في صفوف الصحفيين و المدونين و حتى مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي ، بالإضافة إلى مئات المعتقلين في السجون وذلك بسبب التعبير عن آرائهم في الريف و جرادة و زاكوة و عدة مناطق أخرى . فالسؤال الذي يدور في عقولنا كلما سمعنا عن الاعتقالات والقتل بسبب تعبير البعض عن آرائهم هو: لو أن الذين ينزعجون من المعارضين على صواب ، لماذا يخافون الرأي الآخر؟ ما السبب؟ .
فأساس فكرة حرية التعبير موجود في الدستور ( الممنوح ) ، ولا يمكننا إنكار ذلك . ولكنها معطلة ، وكما نعلم أن التعبير عن الرأي أصبح يُهدد حياة الأشخاص ، فكيف وصل الحال بنا لما نحن عليه الآن ، فقد أصبح التعبير شيئا مخيفا جدا وهذا ما يعتبر انتهاكا لحقوق الإنسان وعدم احترام لكرامته ، فكرامة الإنسان تتمثل في حرية التعبير ، لأنه ” الإنسان ” في هذه الحالة لن يكون قادرا على الإفصاح عن نفسه ، وبالتالي يصبح غير قادر على التفاعل مع الآخرين .
فلم نتمكن في هذه الردهة من زماننا أن نفهم هل حرية الرأي حق من حقوق الإنسان ، أم جريمة يعاقب عليها الفرد؟