لنمضي جميعا … في إقليم الهوامش
بقلم : فريد بوكاس
إننا بكل بساطة نقف بمحاذاة الجرف وفي العمق تلمع تحتنا سقوف معازل الجذام . نتحرك في زقاق بين الناس تحت حرارة الشمس الحارقة ، لكن قلة أو كثرة ممن لا نراهم يوجدون في داخل المباني المظلمة التي تقوم على الجانبين. أحيانا يتقدم واحد منهم إلى النافذة ليلقي نظرة علينا .
لنمضي جميعا ، إنهم تحت الثرى ، غيمة تنـزلق فوق قرص الشمس ، لقد تخرجنا من جامعة النسيان وها نحن خالي الوفاض مثل قميص منشور على الحبل. ورثنا غابة معتمة حيث نادرا ما نذهب إليها ، لكن سيأتي يوم عندما يتبادل فيه الأحياء والموتى مواقعهما ، هذا هو ما نحن ساكنون فيه ، إنه موجود ، إنه لا يتلمس ذلك ولذا فهو يعيش ويوجد.
إذن ماذا تكون نحن ؟ أحيانا منذ وقت بعيد اقتربنا تماما لعدة ثوان من ماذا تكون نحن ، ماذا تكون نحن ؟ ولكن ما أن تمكنا من رؤية نحن ، اختفت نحن وبان ثقب سقطت فيه نحن …نعم ثمة حلم بلا أفق هو ما يحدث دائما ، ضوء لعيون أخرى ، حيز حيث أفكار زاحفة تتعلم المشي ، وجوه وأشكال يعاد تجميعها ، أشكال وأسماء متهاوية على الأرضيات الحجرية في طريقها إلى الزوال.
رغم كل هذا و ذاك ، إلا أن أولئك الذين يرغبون في الواقع بشطبهم من القوائم لا يتوقفون في إقليم الهوامش ، يدخلون في المهنة الهابطة التي تؤدي إلى النسيان. و نحن نقف بمحاذاة الجرف وفي العمق تلمع تحتنا سقوف معازل الجذام . يمكننا تدبر النزول لكننا لا نتمكن إطلاقا من صعود الجروف ثانية قبل العتمة ، لذلك نعود ثانية من خلال الغابة ، نمشي بين أوراق الصنوبر الزرقاء الطويلة ، و غالبا ما ينبغي أن نقف ساكنين تماما ، فنحن من يتلقى السكين في السيرك !
الأسئلة التي تخلصنا منها بغضب تعود عاتية ، لا تصيب لكنها تسمر أثرنا في خطوط عريضة ، تتمسك بالبقاء بعد مغادرتنا المكان. للحظة يظهر إنسان كما في صورة فوتوغرافية ، ولكن بشكل أوضح وفي الخلفية شيء ما أكبر من ظله. بكل اختصار هنا وجوه يائسة كثيرة وأخرى مسطحة بعد رحلات الحج عبر النسيان حيث هناك ستمضي المركبات تحت النجوم ، تحت الوجوه الشاحبة لمن لم يولدوا بعد ، ملقاة في الفراغ ، مجهولة مثل حبات الأرز . و الصحيفة هي تلك الفراشة الكبيرة القذرة ، أما الكرسي والمكتب والوجه في استرخاء ، و الحياة توقفت في كريستالات كبيرة ، فلندعها تتوقف حتى إشعار آخر !