مغرب التناقضات إلى أين ؟
بقلم : فريد بوكاس
إن الشعب المغربي يعتبر من أفقر شعوب العالم، والغني المغربي من أغنى أغنياء العالم. في المغرب نجد أسرة مكونة من ستة أفراد يعيشون على عرق جبين أحد الأفراد الستة والذي لا يتعدى دخله 2000 درهم مغربي 180 دولار أمريكي في الشهر، وإن قرر هذا الفرد العيش بعيدا عن أسرته، سيشرد بذلك الستة الأفراد الأخرى في الشارع، و رغم ذلك فالمحكومة لا تريد ترك الأمور هادئة بل تعمل على تفجير الوضع في القادم من الأيام.
لقد قال فرانسوا ميتران يوما : ” المغرب بلد غني يعيش فيه الفقراء” هذه المقولة التي انطبقت و ما زالت تنطبق على واقع الحال، حيث أن الشعب المغربي أيضا له القابلية بأن يكون فقيرا، فهو راض بالواقع لأن الخوف مسيطر عليه من كل جانب “تحسبه ميت وما هو بميت.. ولكنه في فقر شديد”، لذا نكون بذلك نحن الشعب الذي ساهم في الأوضاع التي نعيشها والتي تزداد ضراوة، لأن المغربي لم يعد يفكر في إصلاح ما حوله، بل يفكر في مصلحته الشخصية و لا تهمه الجماعة أو المجتمع الذي هو فرد منه، وهذا راجع لعدة تراكمات وعلى رأسها الملك الذي فرض علينا أن نعيش فقراء مسخرا في ذلك علماء دين و مثقفين رغم إدراكهم وعلمهم اليقين بالأمور على حقيقتها ولكن لا أحد يستطيع تحريك ساكن.
أما المستوى المعيشي والذي أصبح يحدد بمؤشر التنمية البشرية المتكون من ثلاثة معايير مجتمعة وهي: الدخل والتعليم والصحة، واعتبارا لهذا المؤشر، فإن عدد الفقراء الذين هم تحت عتبة الفقر في المغرب هو 5 مليون نسمة دخلهم الفردي محدد في 10 دراهم 9 دولارات، وأمية وصحة مزرية، فهؤلاء في أوضاع اقتصادية واجتماعية جد سيئة ويعيش معظمهم في البوادي، ويضاف إليهم الفقراء فوق عتبة الفقر ويقدرون بحوالي 12 مليون ومعظمهم في هوامش المدن، و أما الطبقة الوسطى لا تتجاوز 6 مليون نسمة، ويضاف إليهم مغاربة الخارج، و الباقي وهم 3 ملايين من الميسورين وذوي الغنى الفاحش فـــلا يمثلون سوى 10% ويستولون على 90% من ثروات المغرب ، ويعود هذا الوضع السيئ إلى سياسة التفقير الممنهجة من طرف الملك وحاشيته من أجل التحكم في الفقراء واستغلالهم.
أن تعجز عن تدريس أبنائك، وتنظر إلى أحبائك مرضى يتألمون ولا تملك إلا الدعاء والنظر إليهم بحسرة، أن تطوي جوعك بابتسامة مزيفة وأنت توفر لأسرتك لقمة بسيطة وربما وجبة وحيدة في 24ساعة، الفقر وما أدراك ما الفقر، فهذا يعتبر جريمة في حق الشعب كله، بينما نجد الملك فقط هذه السنة يظهر بساعة يدوية مبلغها يفوق مليار و 200 مليون دولار، وابنه بساعة يفوق ثمنها 35 مليون دولار، بالإظافة إلى الطائرة التي قدمها محمد السادس لابنه هدية بمناسبة عيد ميلاده والتي يفوق ثمنها 67 مليون دولار. فميزانية ساعته اليدوية وساعة ابنه والطائرة كافية لبناء ما يزيد عن 200 مؤسسة تعليمية بكل ما يستلزمها من معدات لتكوين أجيال المستقبل ، أو بناء ما يزيد عن 40 مستشفى جامعي بأحدث التقنيات في مجال الطب والبحث العلمي.
فعجبا لملك ينتقد التعليم والصحة والتكوين وهو من كان السبب في كل ما آلت إليه الأوضاع المزرية التي يعيشها الشعب المغربي متحدثا في خطاباته بدون خجل عن العدالة الاجتماعية !!
فمادام النظام المستبد ينهج سياسة طبقية في التعليم والصحة والشغل و السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة، فلا شك أن الهدف من ذلك هو إنتاج المزيد من الفوارق والمزيد من الفقر نظرا لعدم تكافؤ توزيع الثروة بالرغم من توفر المغرب على ثروات مهمة في البر والبحر، لكن محمد السادس وحاشيته هم من يستأثرون بكل الخيرات ، وبذلك فإن أبشع وجه للطبقية خلقها الإنسان موجودة في المغرب، إنسان يعيش في كوكب آخر لا يشعر بمن حوله، إنه بكل بساطة إنسان يعيش في درجة أقل من الحيوان.
أعتقد أننا لم نستوعب بعد أننا نعيش في دولة ضعيفة كما يريد النظام لنا أن نفهم. نحن ننكر هذا الواقع باستمرار وإصرار غريب، ندافع عن أنفسنا ضد كل ما من شأنه أن يعكس صورتنا بشكل صريح و دونما تجميل، على أي أول إجراء على طريق التقدم ، هو أن نعترف بعجزنا ونعمل لتجاوز إخفاقاتنا ونتصدى للديكتاتورية التي امتصت دماءنا بدون رحمة أو شفقة.