خاطرة قصيرة : مذكراتي التي هربت من توقيعي
بقلم : فريد بوكاس
أي احتلال هذا الذي تمارسينه بحقي ، حين أخاف لخوفك وأشتاق لشوقك وأحن لك أضعاف حنينك إلي .. ويا لفطنتك وروعة حسك وأنت تقرئين رسائلي بالطريقة التي أردتها وكتبتها لك ، وما رسائلي إلا أحرفا تشع بحبك وعبارات تفيض بالشوق إلى لقاءك .. إنني بعيد عنك وأشعر بك تماما كما لو أنك أمامي الآن …
ماذا لو أنك تجلسين هنا أمامي؟! إنني أفتقدك فزدت السكر في قهوتي ولكن هيهات أن تنسيني حلاوة السكر مرارة غيابك .. قلبي ما عاد يلتفت لي ، فأنت صبحه ومساءه ، أنت حقيقته وخياله ، أنت فرحه وحزنه .. وما قلبي إلا بعض منك يستوطن صدري ويحتل فيه الفكر والشعور …
ذراعاي يا سيدتي تتحطم من معانقة الغمام ، وعيناي المتعبتان لا تريان سوى ذكريات الشموس الساطعة بفضل النجوم التي لا مثيل لها و المتلألئة في أعماق الفضاء … عبثا أحاول أن أجد للفضاء وسطا أو نهاية ، فلست أدري تحت أية عين من نار تحترقني لأني أ شعر بجناحي ينصهران وأنا الذي أحرقني حب الجمال .
سأضربك يا نفسي دون حقد ولا غضب ، كما يضرب الجزار العظم وموسى الصخر . وسأجعل جفنيك يتفجران بماء العذاب لأروي صحرائي ، وستسبح رغبتي المفعمة بالرجاء في لجة دموعك المالحة كما تسبح السفينة في عرض البحر ، ونحيبك الغالي الذي أسكر قلبي سيدوي فيه كالطبل يدق دقات الهجوم .
فغالبا ما تحملني الموسيقى كما يحملني موج البحر نحو نجمي الشاحب ، وتحت سقف من الضباب أو في أثير واسع . أبحر فأتسلق الأمواج المتراكمة التي يحجبها عني الليل ، وصدري إلى الأمام ورئتاي منفوختان كأنهما من القماش . إني لأشعر في داخلي بكل الانفعالات ، مركب مشرف على الغرق . أشعر بالريح المواتية ، و بالعاصفة واختلاجاتها تهدهدني فوق اللجة المترامية ، وأحيانيا أخرى أسمعها هادئة ملساء كأنها مرآة يأسي الكبيرة ..
إن يملأني إليك ، إلى أن أجلس بين يديك ، أشتاق إلى السفر معك إليك ، إلى وطن الطهر فى مقلتيك . و هذه رسالة جريئة متمردة حتى علي أنا ، فهي الورقة الوحيدة من بين مذكراتي التي هربت من توقيعي و مني لتصلك حتى قبل مراجعتي لصياغتها أو لغتها أو أخطائها الإملائية …
About The Author