بعدما أن تساقطت الأوراق ، عاودنا شعور سطحي بالأشياء وكأننا وصلنا بالخيال إلى منتهاه ، متحجرين في سلوك بليد . إنه لصعب اختيار الصفة لهذا البرود ولهذا الحزن البلا سبب ، فالمبنى العظيم أصبح مسكنا وضيعا وما من عمامة تذرع دوره الأقل شأنا .
حتى بيت النباتات الزجاجي لم يكن بهذه الحاجة الماسة إلى الطلاء ، لأن المدخنة عمرها الآن ستون عاما ومائلة ولا أعتقد أنها في حاجة للصيانة . جهد جبار أخفق منذ عقود ، وتكرار السيناريو يصب في طبيعة تكرار ممل للبشر وحتى للذباب . مع ذلك ، فغياب الخيال كان ينبغي أن يكون هو نفسه تخيله . الماء الشبيه بزجاج وسخ ، يعكس سكونا نوعيا ، سكون جرذ خارج مستطلع على البركة الكبيرة وأكوامها … هذا كله ، كان ينبغي تخيله كمعرفة بالأشياء لابد منها لأنها مطلوبة كما تتطلبها الضرورة …
فيا أيها النسر ، منذ سنوات نفسك في نفس القفص ، محدقا بلا حراك دائما في النقطة ذاتها ، إصفح عني ، حتى لو كنت طائرا ملفوظا . أعتذر للشجرة المقطوعة على أرجل الطاولة الأربع ، أعتذر للأسئلة الكبيرة على الأجوبة الصغيرة . أيتها الحقيقة ، لا تجعليني تحت انتباهتك اليقظة ، أيها الجلال ، أرني الشهامة . أيها السر كابد الوجود ، لأنني أستل الخيوط من بطانتك و لا تتهميني أيتها الروح ، لأن هناك أناس نادرا ما تشعر بك . أعتذر للكل ، لأنني لا أستطيع أن أكون في كل مكان ، أعتذرللجميع ، لأنني لا أعرف أن أكون كل واحد و كل واحدة . أعرف أنني طالما حييت فلا شيء يبرؤني ، فلا تسيئي الظن بي أيتها اللغة ، لأنني أقترض كلمات طنانة وبعدها أضع جهدا لكي تبدو خفيفة .
و ها أنا في دائرة نور أحد النجوم ، في الظل الذي ترميه لغتي ، أركض فوق مرآة دامسة ، برك من ماء مالح لا تستطيع الجريان ، غير موجهة إلى أية ناحية . أرى لا شيء يحدث ، لكن تساويف … جميلة ، أهناك شيء في مكانه ؟
أمواج تنهار في أنفسها ، يقلد بعضها البعض ، حيث تخترع نفسها ، تعطي الذي تلقته ، تجاوب الفيضان الذي يصمت بشأن الضفة . علي أن أضع زجاج الكوارتز البارد على الجبين ، لأفكر بصفاء مثل أصداف الفينوس والطحالب البحرية …
إن أمكنتي لا تزال كما هي ، ما غيرت سوى اللغة و أسطر مناظر طبيعية حيث سجلت و أسجل أياما وليال في مخيلتي ، شذرة رأسي تنقصها النهاية ، والمناظر المسطرة ليست مسكونة ، و كان على القصيدة أن تكون واضحة و خرساء كفاكهة مدورة بكماء ، و من أمكنتي هاته كلها ، تكونت لوحات فيها خرست أنا …