للأسف ما نراه من كذب بما يخص المثقف المغربي يشي بفساد في منظومة المواقف من الحياة والناس ، فساد بائن للعيان عبر رصد بسيط لمثقفين يقفون إلى جانب الديكتاتور ، وقوف أشبه بصنم تتحدر من عينيه الدموع السوداء ، هذا المستثقف الصنم أصبح يُحرَك حسب ديكورات الديكتاتور ومتطلبات مبررات الاختطافات والدهس والاعتقالات والتجويع . فما أشار إليه جورج أورويل في روايته 1984 ، يقدم لنا دليلا صارخا على تنبؤاته فيما يخص الفساد الإنساني وصولا إلى فساد خياله ، والأخطر من ذلك نرى إلى حرفية عالية المستوى في إيجاد تسويغات من قبل المثقف للديكتاتور وسلوكياته المشينة.
فما يحدث في في المغرب ، لا يستطيع أحد أن يبرر ما وصلت إليه تلك الكائنات من إهانات لمعدته ولوجوده كإنسان يستحق التنفس ، وعلينا ان نصغي ولو قليلا لحركة أمعائنا وهي تمتلئ بموائد لا يمكن أن نسميها إلا موائد سوداء كوننا لا ندرك التصاق أمعاء الجياع ببطونهم .
الأمر ليس مرهونا فقد بمنطقة معينة في المغرب فقط ، بل بتاريخ الدم الذي سجله الديكتاتور بأدوات المثقفين الذين يقفون على أُهبة الاستعداد في كل لحظة للصراخ ضد المثقف الإنساني والحقيقي ، لكننا سندرك قريبا حجم ما اقترفته تلك الفئة من كارثية في مواقفها ، مواقف مخاتلة تتحرك في دوائر صغيرة مشفوعة بلهاث الديكتاتور الذي سيسقط ولو بعد حين.
فما أطلق قديما من مصطلحات حول خبث وفساد تلك المراحل أو ما يسمى بالدستوبيا أي المكان الخبيث باليونانية ، نرى في هذا الاصطلاح المكان الأنسب لنا الآن من خلال إشاعة الخبث السياسي والثقافي بين أفراد المجتمع المغربي عبر وقاحة صارخة لتقويض الحق بوصفه باطلا ، حيث وصل الأمر بأن نقرأ آلاف التغريدات التي تبتهج بتجويع واختطاف واعتقال الشباب المغربي الطموح ، بل ممارسة المبالغة في الحقد والكراهية، فقد وضعت صورا لموائد مليئة باللحوم والأسماك نكاية بالجوعى في هذا البلد الجريح ، أي حقد بشري هذا الذي نراه في الألفية الثالثة ؟ .
وأندهش من هؤلاء المثقفين الذين يمارسون الغواية اللذيذة مع ظلال الطاغية ، كما لو أنهم يمارسون لذة الألم في استدراج الديكتاتور في شحذ سياطه ليجلد أقفيتهم المترهلة من كثرة الجلوس ، وتأملاتهم البائسة للإعجاب بالطاغية في مكان ما ورفضه في مكان آخر ، كمن ينظر إلى نفسه في مرآة محطمة فيرى وجوها عدة لوجهه واحد . وأسأل كيف لمثقف تنويري أن يدافع عن طاغية لم تزل دماء ضحاياه خضراء في يديه ؟ إلى أي زمن وصل بنا الأمر في تمجيد القبح والبشاعة ، تماما كمن دافعوا قديما عن النمرود وابو الطاهر القرمطي وفلاد الثالث ونيرون وكاليغولا وتشاوتشسكو وهرتزل وشارون ؟ كما أسأل سؤالا واضحا ، إلى أي النهايات وصلوا هؤلاء الطغاة ؟ بالطبع كانت نهاياتهم مأساوية بامتياز ، فمن يستطيع أن يمنع النهر عن الجريان حين يغضب !
فهل يا ترى أن الشعب المغربي نهر غاضب يستطيع الجريان ؟