ما الذي يحدث بالمغرب؟ أهو استثناء أم هي عاصفة عابرة؟إن المغرب أصبح بقرة حلوبا لا بالنسبة ـ الطبقة الأرسطوقراطية المغربية ـ فحسب ، وإنما اجتاز حليبها إلى فرنسا. وقبل كتابة لهاته السطور أعادتني الذاكرة إلى عهد الحسن الثاني وخطاباته التي كان يلقيها بعفوية تامة دون استعمال الخطاب الكتابي ، وأتذكر مقولة له : إن المغرب شجرة عروقها في إفريقيا وأغصانها في أروبا.
إنها مقولة لم تأت من العدم ، وإنما كان الحسن الثاني أدرى من غيره بما يدور في كواليس المغرب كبقرة حلوب… وإذا عدنا إلى المقولة السالفة الذكر ، سيتضح لنا جليا أن المغرب كنز من كنوز العالم المستقرة في القارة الإفريقة ، لكن فرنسا تجني ثمارها بكل بساطة بعدما أن يتم تمهيد لها الطريق من طرف المستنفعين أو إن صح التعبير المفرنسين الذين ورثوا عن فرنسا الإستعمارية كل ما هو خصب وناتج.
لذا نلاحظ أن هذه الدولة عادت مرة أخرى بكل قواها لنهب ما تبقى من خيرات البلاد ، وذلك عن طريق ما يسمى الاستثمار الذي هو في حد ذاته ـ استحمار ـ ، واستطاعت الحصول على أهم الصفقات ومنها ( الترامواي ) سلا الرباط ، والقطار السريع الذي يربط بين طنجة والدار البيضاء وبعدها مراكش ثم أكادير ، ناهيكم عن صفقات أخرى تتعلق بالطاقة الشمسية ، شركة رونو وقطاع الأبناك مثل : القرض الفلاحي و… مقابل منح فرص شغل ثانوية لبعض أبناء الشعب ( ذوي الوساطات بالطبع ) بمبالغ شهرية زهيدة بالمقرانة مع الأرباح التي تجنيها هذه الشركات الاستعمارية.
من هنا يمكن أن نطرح سؤالا واحدا فقط : هل المستثمرون المغاربة غير قاديرين على إنجاز مثل هذه المشاريع وعلى سبيل المثال الشركة الوطنية للاسثمار التي تم تغيير إسمها إلى شركة مدى و التي هي في ملك ( بكسر الميم ) ملك المغرب الذي يستحوذ على كل خيرات البلاد من ذهب و فضة و أراضي فلاحية و … بدل الاستثمار في دول إفريقية ؟ أم أن تفويث مثل هذه المشاريع لفرنسا خاصة ، لحاجة في نفس يعقوب قضاها ؟هذا يتعلق بالشق الخارجي ، أما الشق الداخلي الذي يدخل في إطار التعددية الحزبية ، أعتقد أنه مشروعا يدخل في نطاق المشاريع الربحية الداخلية ، والدليل على ذلك عدد الأحزاب الموجودة بالمغرب والتي تتعدى 33 حزبا ، حزب على رأس مليون مواطن مغربي !!
هل هذه الأحزاب لها مصاريف خاصة ، أم أن الدولة هي التي تخصص لها ميزانية سنوية ؟ بالطبع من أراد أن يستثمر في المغرب وأقصد هنا المغاربة ، فما عليهم إلا بتأسيس حزب وله ما طاب ولذ من ميزانيات وامتيازات و… ألا يعتبر كل هذا استنزافا لجيوب المواطنين تحت غطاء التعددية ؟ ألا يعتبر ذلك استثمارا ربحيا قبل أن يكون استثمارا سياسيا ؟ لماذا نلوم الشباب إذا خرج في تظاهرة مطالبا بحقه في الشغل و الصحة و.. أم أن البقرة لا تحلب إلا لفرنسا والأحزاب الكرطونية التي تصادق بالإجماع على قرارات القصر ؟قد تم بيع كل شيء في المغرب ، اليابس والأخضر… وحتى الشباب تم الإلقاء به إلى أفواه قرش البحر الأبيض المتوسط حتى يخفف العبئ على الدولة أو الوطن كا يسميه البعض ، رغم أن الوطن له من الدلالات والمعاني الكثير. أما الثروات السمكية فلا يحق لنا الحديث عنها ، لأن الأرباح أو الموارد المالية تبعث مباشرة إلى حسابات خاصة بالبنوك الأجنبية !!!
لك الله يا مغرب الاستثناءات ..