وسائل الإعلام الإسبانية تأسف على إعطاء ترامب الأولوية للمغرب على مدريد في أسبوعه الأول
وكالة المغرب الكبير للأنباء
أعربت وسائل الإعلام الإسبانية عن قلقها المتزايد إزاء سعي إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى تهميش إسبانيا لصالح المغرب خلال أولى مشاركاتها الدبلوماسية في ولايته الجديدة.
ويعكس هذا التطور أنماطا مماثلة لتلك التي سادت خلال رئاسة ترامب الأولى، وهو ما يشير إلى ما وصفته الصحف الإسبانية بأنه تحول حاسم في الأولويات الإقليمية للولايات المتحدة.
وذكرت صحيفة “إل موندو” الإسبانية أن ترامب ومسؤوليه لم يتواصلوا مع نظرائهم الإسبان في الأسبوع الذي تلا تنصيبه، على الرغم من إجراء مناقشات مع دول أوروبية متعددة والمغرب.
وتشير الصحيفة إلى أن “أفضل مثال على غياب التفاهم هو أنه، كما كان الحال في ولايته الأولى، لم يتحدث الرئيس الأميركي ولا وزراؤه بعد مع نظرائهم الإسبان بعد أسبوع”.
وعلى النقيض التام لهذا الصمت الدبلوماسي مع مدريد، أجرى وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ووزير الخارجية الأمريكي المعين حديثًا ماركو روبيو مكالمة هاتفية يوم الاثنين، ناقشا خلالها العلاقات الثنائية وأكدا التزامهما بتعزيز التعاون على جميع المستويات.
وكشفت وزارة الخارجية الأمريكية خلال المكالمة أن الدبلوماسيين بحثا سبل تعزيز “السلام والأمن الإقليمي والعالمي تحت قيادة الملك محمد السادس”. كما تناولت المناقشة ، الوضع في غزة وجهود المساعدات الإنسانية.
وبحسب مراسل صحيفة إل موندو في واشنطن بابلو ر سوانزيس، فقد أجرى وزير الخارجية روبيو بالفعل محادثات مع وزراء خارجية دول البلطيق وبولندا والمجر وإيطاليا وفرنسا وألمانيا، بينما “لم يُظهر أي اهتمام بشبه الجزيرة الأيبيرية، على الرغم من وجود اهتمام بالرباط”.
ويبدو الموقف غريباً بشكل خاص نظراً لتراث روبيو الكوبي ومهاراته في اللغة الإسبانية. وتشير صحيفة إل موندو إلى أنه في حين تواصل روبيو مع إدموندو جونزاليس، الذي لجأ إلى إسبانيا، فإنه لم يتواصل بعد مع المسؤولين الإسبان الحاليين.
حتى الآن، تحدث روبيو أو التقى مع 34 رئيسًا أو رئيس وزراء أو وزير خارجية، ومن المقرر أن يقوم بأول زيارة دولة له إلى أميركا اللاتينية والوسطى.
في يوم تنصيبه، في 20 يناير/كانون الثاني، ألقى ترامب كلمة في إسبانيا من المكتب البيضاوي، وانتقد ما أسماه الاستثمار الأمني ”المنخفض للغاية”.
ولكن وسائل الإعلام الإسبانية لاحظت ارتباكه الواضح عندما حدد إسبانيا بشكل غير صحيح كعضو في مجموعة البريكس، وهدد بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 100٪ على أعضاء تلك المجموعة.
تتناول صحيفة لا فانجارديا الوضع في إطار العلاقات الأوسع بين الولايات المتحدة والمغرب، وتصف النظرة المتفائلة للرباط لعودة ترامب.
وتنقل الصحيفة عن أسبوعية ماروك إيبدو المغربية وصفها لعودة ترامب ، بالانتظار “لتعزيز الدعم الدبلوماسي، وترويج المشاريع التنموية للصحراء… وتكثيف المبادرات الرامية إلى اعتراف مجلس الأمن الدولي بسيادة المغرب على الصحراء ” .
ترامب وإسبانيا: العلاقة المتوترة
تعود العلاقة المتوترة بين ترامب وإسبانيا إلى ولايته الأولى. وتتذكر صحيفة إل موندو قمة حلف شمال الأطلسي المتوترة بشكل خاص في بروكسل في صيف عام 2018، بعد وقت قصير من تولي بيدرو سانشيز منصب رئيس الوزراء من خلال تصويت بحجب الثقة.
وخلال ذلك الاجتماع، ورد أن ترامب واجه سانشيز بشكل مباشر بشأن تصنيفات الإنفاق الدفاعي الإسباني، مما خلق ما وصفه المسؤولون الإسبان بلحظة من “الذهول التام”.
وتؤكد التغطية الإعلامية على تعزيز موقف المغرب في عهد ترامب. وكما ذكرت صحيفة لا فانجارديا، تتوقع الرباط عدة تطورات رئيسية، بما في ذلك التصنيف المحتمل من قبل الولايات المتحدة لجبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية وافتتاح قنصلية أمريكية في الداخلة.
وقال السفير المغربي لدى الولايات المتحدة يوسف العمراني إنه يرى “فرصا هائلة لتوسيع العلاقات الثنائية في مجالات رئيسية مثل الأمن والاقتصاد”.
وتعرب وسائل الإعلام الإسبانية عن قلقها بشكل خاص إزاء التداعيات العسكرية للعلاقات المعززة بين الولايات المتحدة والمغرب. وتصف النسخة الإسبانية من صحيفة هافينغتون بوست الموقف العسكري المتنامي للمغرب، بدعم من الدعم الأمريكي، بأنه “مصدر قلق لإسبانيا”.
ومع ذلك، وكما أشارت التغطية الإعلامية، يشير بعض المحللين إلى أن الولايات المتحدة لا تزال مهتمة بالعلاقات الإيجابية بين إسبانيا والمغرب، مستشهدين بسوابق تاريخية مثل وساطة كولن باول خلال الصراع على جزيرة ليماسول.
كما تم تسليط الضوء على الالتزام المشترك باستضافة كأس العالم 2030 بين المغرب وإسبانيا والبرتغال باعتباره عامل استقرار محتمل في العلاقات الإقليمية.
في مختلف وسائل الإعلام الإسبانية، هناك شعور متزايد بتحول زلزالي في الديناميكيات الإقليمية، حيث يبدو أن التفوق الدبلوماسي الإسباني طويل الأمد يفسح المجال لصعود المغرب في الأولويات الاستراتيجية الأمريكية في منطقة البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا.
ويتجلى هذا التحول بشكل أكبر في العلاقات التجارية القوية بين الولايات المتحدة والمغرب، والتي شهدت نمواً ملحوظاً منذ تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة، حيث تضاعف حجم التجارة الثنائية أربع مرات من 1.34 مليار دولار في عام 2006 إلى 5.44 مليار دولار في عام 2018.
وكما خلصت صحيفة “إل موندو”، يبدو أن إسبانيا تواجه احتمال “تجاوز السنوات الأربع المقبلة دون اضطرابات أو دراماتيكيات كبرى، بالاعتماد على العلاقات التاريخية والقواعد العسكرية في بلادنا، وقليل غير ذلك”.