المغرب تكشف عن مروحيات أباتشي AH-64E الجديدة بتمويه صحراوي
وكالة المغرب الكبير للأنباء
كشفت المغرب رسميا عن مروحياتها الهجومية من طراز أباتشي AH-64E التي اقتنتها مؤخرا، ما يشكل إضافة مهمة لقدراتها القتالية الجوية. بدأت عملية شراء هذه المروحيات المتقدمة في عام 2010، وتم منح الموافقة الرسمية في نوفمبر 2019.
ومع ذلك، تظل تفاصيل العقد، بما في ذلك العدد الدقيق للوحدات المطلوبة وجداول التسليم والتكلفة الإجمالية، غير معلنة. وبحسب ما ورد تم الانتهاء من الصفقة في وقت ما في عام 2020 دون إعلان رسمي.
وتكشف صور المروحيات عن أنها تحمل شعار القوات الجوية الملكية المغربية ونمط تمويه صحراوي ثنائي اللون، مما يشير إلى تكيفها مع البيئة العملياتية في المنطقة.
وتضمنت الموافقة الممنوحة للمغرب ترخيصًا بشراء ما يصل إلى 36 طائرة من طراز AH-64E – 24 كطلب مؤكد و12 كخيار. بالإضافة إلى ذلك، تضمنت الحزمة أحكامًا لشراء 12 رادارًا من طراز Longbow، مما يعزز قدرات الطائرات العمودية على تحديد الأهداف والاشتباك معها.
وإلى جانب الطائرات، شملت الصفقة ترسانة واسعة من الذخائر الموجهة بدقة. وشمل ذلك أكثر من 1000 صاروخ من طراز AGM-114 Hellfire في إصدارات متعددة، وأكثر من 600 صاروخ APKWS موجه بالليزر، وأكثر من 50 صاروخ FIM-92 Stinger، و5216 صاروخ Hydra 70 غير موجه.
كما شمل الاتفاق 93 ألف طلقة من الذخيرة عيار 30 ملم، إلى جانب أنظمة وخدمات دعم مختلفة. وفي حين قدرت القيمة الإجمالية للحزمة بنحو 4.25 مليار دولار، فإن تفاصيل الطلب النهائي لا تزال غير واضحة. وتشير أحدث الصور إلى أن ثلاث وحدات على الأقل وصلت كجزء من التسليم الأولي.
مع وصول هذه الطائرات الأباتشي، أصبحت المغرب ثاني دولة أفريقية تستخدم طائرات الأباتشي AH-64، بعد مصر. ومع ذلك، فهي أول دولة في القارة تستخدم النسخة المتقدمة من طائرات الأباتشي AH-64E، والمعروفة أيضًا باسم “الغارديان“.
وتعزز هذه الصفقة بشكل كبير قدرة المغرب على شن الهجمات باستخدام الطائرات المروحية، حيث تكمل أسطولها الحالي المكون من ست طائرات هليكوبتر من طراز إيرباص H135M و19 طائرة هليكوبتر من طراز Aérospatiale SA342L Gazelle. ويؤكد تقديم طراز Apache E على التزام المغرب بتحديث جيشه وتعزيز قدرته على إجراء عمليات قتالية عالية الكثافة في المنطقة.
تُعرف طائرة الأباتشي AH-64E بقدراتها المتقدمة على الاستهداف، وقدرتها على البقاء، وأسلحتها القوية، وتُقدم طائرة هليكوبتر هجومية هائلة إلى ترسانة المغرب.
وتسمح قدرة الأباتشي على التكيف بمجموعة واسعة من المهام، من العمليات المضادة للدروع إلى الدعم الجوي الوثيق، مما يعزز بشكل كبير قدرة المغرب على إظهار القوة على المستوى المحلي وفي الصراعات الإقليمية المحتملة.
ولا يعمل هذا الاستحواذ على تحديث القوات المسلحة الملكية المغربية فحسب، بل يجعلها أيضًا أكثر توافقًا مع التكنولوجيا العسكرية الغربية، مما يعزز التوافق بين القوات المسلحة المغربية وحلفاء الناتو والولايات المتحدة، التي أعلنت المغرب حليفًا رئيسيًا من خارج الناتو.
ومن الناحية التشغيلية، سوف تعمل طائرات الهليكوبتر من طراز أباتشي على تعزيز قدرة المغرب على توجيه ضربات دقيقة إلى حد كبير. وبفضل دمج أجهزة الاستشعار المتقدمة مثل جهاز تحديد الهدف المحدث/جهاز استشعار الرؤية الليلية للطيار [M-TADS/PNVS] والقدرة على مهاجمة الأهداف على مسافة بعيدة بصواريخ هيلفاير وغيرها من الذخائر الموجهة بدقة، أصبح المغرب قادراً الآن على القيام بعمليات معقدة، حتى في ظل ظروف صعبة.
ويمكن أن تلعب هذه القدرة دورا محوريا في أمن الحدود، وخاصة في إدارة الصراع الطويل الأمد في الصحراء الغربية، حيث يمكن للدعم الجوي أن يرجح كفة الميزان بشكل حاسم في المواجهات البرية.
وعلى المستوى الإقليمي، يبعث إدخال هذه المروحيات برسالة قوية إلى الدول المجاورة مثل الجزائر، التي تربطها بالمغرب علاقة معقدة تتسم بالنزاعات الحدودية التاريخية. وقد يعمل وجود الأباتشي كرادع، مما قد يؤدي إلى تغيير الحسابات الاستراتيجية في شمال أفريقيا.
وقد تضطر الجزائر، التي تشهد عملية تحديث عسكري خاصة بها، إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الدفاعية، مما قد يؤدي إلى سباق تسلح أو، على العكس من ذلك، الدفع نحو الحوار لمنع التصعيد.
وعلاوة على ذلك، فإن التداعيات الجيوسياسية تمتد إلى ما هو أبعد من الجيران المباشرين. فالموقع الاستراتيجي للمغرب على مضيق جبل طارق يجعله لاعباً رئيسياً في السيطرة على حركة الملاحة البحرية بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. ومن الممكن أن تؤثر القدرات الجوية المحسنة على ديناميكيات الأمن في هذه النقطة الحيوية، الأمر الذي لا يؤثر على طرق التجارة الإقليمية فحسب، بل وأيضاً الدولية.
ويعكس اقتناء الأباتشي أيضًا التحول الاستراتيجي الأوسع للمغرب نحو تعزيز قدراته العسكرية في مختلف المجالات. وهذا لا يشمل فقط المروحيات الهجومية ولكن أيضًا الاستثمارات في أنظمة الدفاع الجوي والأصول البحرية وتحديث القوات البرية.
ومن الممكن أن تؤدي مثل هذه التعزيزات إلى تمكين المغرب من لعب دور أكثر حزما في إطار الأمن الإقليمي، وربما قيادة أو المشاركة في عمليات حفظ السلام أو مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، حيث كان عدم الاستقرار مشكلة مستمرة.
ولكن إدخال هذه الأصول التكنولوجية المتطورة يفرض أيضاً تحديات. ذلك أن تكاليف تشغيل وصيانة طائرات الأباتشي كبيرة، الأمر الذي يستلزم وجود شبكة لوجستية قوية وأفراد مدربين تدريباً جيداً.
وسوف يحتاج المغرب إلى الاستثمار بكثافة في تدريب طياريه وطواقم الصيانة، فضلاً عن ضمان سلسلة توريد الأجزاء وقطع الغيار، وهو ما قد يشكل ضغطاً على الموارد الوطنية ولكنه ضروري للحفاظ على جاهزية المروحيات القتالية.
تم تجهيز طائرات الأباتشي المغربية من طراز AH-64E بمجموعة من الأنظمة المتطورة المصممة لتعزيز الأداء والقدرة على البقاء والفعالية التشغيلية. وفي قلب القدرات الاستشعارية لطائرات الأباتشي يوجد نظام تحديد الهدف المحدث/مستشعر الرؤية الليلية للطيار [M-TADS/PNVS].
يوفر هذا النظام للطيارين قدرات لا مثيل لها في تحديد الأهداف وتحديدها في الليل والنهار وفي ظل الظروف الجوية السيئة، مما يسمح بالتعامل الدقيق مع الأهداف من مسافات كبيرة. يتضمن نظام M-TADS جهاز تحديد المدى/التعيين بالليزر، مما يضمن قدرة الطيارين على تحديد الأهداف بدقة عالية.
يتم تعزيز الملاحة والوعي بالموقف بشكل كبير من خلال تضمين إلكترونيات الطيران المتقدمة. تتميز طائرة الأباتشي برادار التحكم في إطلاق النار AN/APG-78 Longbow [FCR]، والذي يتم تثبيته فوق صاري الدوار. يعد هذا الرادار محوريًا للكشف عن الأهداف وتصنيفها وإعطائها الأولوية، حتى في البيئات المعقدة، بما في ذلك فوق الماء، وذلك بفضل تحسينات قدراتها البحرية.
يتم تسهيل الاتصال ومشاركة البيانات من خلال تضمين أجهزة راديو صوتية آمنة ومودم البيانات المحسن [IDM-401]، والذي يدعم نقل البيانات في الوقت الفعلي، مما يعزز قدرة المروحية على العمل داخل بيئة ساحة معركة متصلة بالشبكة.
إن هذا الاتصال أمر بالغ الأهمية للعمليات العسكرية الحديثة، حيث يمكن تنفيذ العمل المنسق مع وحدات أخرى، بما في ذلك المركبات الجوية غير المأهولة [UAVs] من خلال مجموعات Manned-Unmanned Teaming [MUMT-2]، بسلاسة. تسمح هذه المجموعات لطيارين الأباتشي بالسيطرة على المركبات الجوية غير المأهولة القريبة، مما يوفر استطلاعًا إضافيًا أو حتى خيارات الاشتباك المباشر من المروحية.
يتم تعزيز قدرة طائرة الأباتشي على البقاء من خلال مجموعة من التدابير الدفاعية المضادة. تعمل مجموعة الكشف عن إشارات الرادار AN/APR-39D[V]2 ومجموعة الكشف بالليزر AN/AVR-2B في انسجام للكشف عن التهديدات القادمة والتحذير منها، مما يمنح الطيارين الثواني الثمينة اللازمة للرد.
ويضيف نظام توزيع التدابير المضادة المحسن [ICMD] طبقة أخرى من الحماية من خلال نشر القش والقنابل المضيئة لتضليل الصواريخ القادمة أو التهديدات الموجهة بالرادار.
بالنسبة للملاحة، تتميز طائرة الأباتشي بجهاز تحديد الاتجاه التلقائي AN/ARN-149 (V)3، ومستشعر السرعة دوبلر ASN-157 للحصول على معلومات دقيقة عن مسار الرحلة، ومقياس الارتفاع الراداري AN/APN-209 للحفاظ على ارتفاعات طيران آمنة، وخاصة في سيناريوهات الطيران على ارتفاع منخفض.
ويضمن نظام الملاحة الجوية التكتيكية [TACAN]، بما في ذلك مجموعات AN/ARN-153 والمحطات الأرضية، قدرة المروحيات على التنقل بدقة في كل من المواقف القتالية وغير القتالية.
وتأتي طائرات الأباتشي المغربية أيضًا مزودة بأنظمة هبوط آلية عالية التردد متعددة الاتجاهات [VOR/ILS]، والتي تعد ضرورية للعمليات في جميع الأحوال الجوية، حيث توفر للطيارين إشارات اتجاهية للتنقل بأمان إلى وجهاتهم أو العودة إلى القاعدة.
من حيث القوة، تعمل هذه المروحيات بمحركات جنرال إلكتريك T700-GE-701D، مما يوفر أداءً أفضل وموثوقية واحتياجات صيانة أقل مقارنة بالطرازات السابقة. لا يدعم اختيار المحرك هذا أنظمة الطيران الصعبة لطائرة أباتشي فحسب، بل يساهم أيضًا في مدى تشغيلها وقدرتها على التحمل.
وتضمن هذه المجموعة الشاملة من المعدات أن طائرات الأباتشي AH-64E المغربية ليست مجرد طائرات هليكوبتر هجومية، بل مراكز قيادة طائرة، قادرة على تحقيق تنوع عملياتي كبير في سيناريوهات مختلفة، من مكافحة التمرد إلى الحرب التقليدية، وتعزيز الخيارات الاستراتيجية والتكتيكية للمغرب في الصراعات الإقليمية.
وفي الختام، لا شك أن طائرات الأباتشي AH-64E ستعزز القدرات العسكرية للمغرب، وتوفر مزايا تكتيكية جديدة من شأنها إعادة تشكيل الديناميكيات الإقليمية.
وتؤكد هذه الخطوة طموح المغرب لتعزيز مكانته كقوة إقليمية وسيطة قادرة على الدفاع عن مصالحها والمساهمة في الاستقرار أو حل النزاعات في شمال أفريقيا.
ولكنها أيضاً تدعو إلى التدقيق من جانب الجيران وتتطلب إدارة دقيقة لضمان ترجمة هذه القدرة العسكرية إلى مزايا استراتيجية دون إشعال المزيد من التوترات.