اتفاقية الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي: مراجعة البنود
وكالة المغرب الكبير للأنباء
سيتم إعادة التفاوض على اتفاقية الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي بعد عقدين من التجارة التي اعتبرت غير متوازنة وفي غير صالح الجزائر. وبالنسبة للجزائر، تهدف المراجعة إلى إعادة التوازن لبنود الاتفاقية وتحقيق شراكة مربحة للطرفين.
يجب أن تكون الجزائر قادرة على طرح منتجات في السوق الأوروبية التي لم يكن لها في السابق الحق في تصديرها إلى هذه المنطقة، مثل المنتجات ذات الأصل الحيواني.
وقد تم التفاوض على الاتفاقية، الموقعة في عام 2002، على عجل. وإذا لم تكن السلطات الجزائرية حذرة للغاية بشأن بنودها، فذلك بسبب السياق السياسي في الوقت الذي كانت فيه الجزائر قد خرجت للتو من عقد من الإرهاب، وبنية الاقتصاد الجزائري في ذلك الوقت، التي كانت تصدر المحروقات فقط. و لقد تغيرت الأمور كثيرا في السنوات الأخيرة.
أكد رئيس الجمهورية الجزائرية عبد المجيد تبون، الذي تناول المسألة يوم الأحد 26 يناير في مجلس الوزراء، أن صادرات الجزائر غير المحروقات تنوعت وامتدت إلى مجالات أخرى، خاصة الإنتاج الفلاحي والمعادن والأسمنت والمنتجات الغذائية وغيرها.
اتفاقية الشراكة: الكثير من التجارة والقليل من الاستثمار
إن رغبة الجزائر في مراجعة اتفاقية الشراكة التي نصت على إنشاء منطقة للتبادل الحر سنة 2017 قبل تأجيل هذا الموعد النهائي، “لا تنجم عن صراع، بل تهدف إلى دعم العلاقات الطيبة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي كشريك اقتصادي حسب قول رئيس الدولة: “على أساس مبدأ المربح للجانبين”.
والبنود التي أعطت الاتفاقية طابعها غير العادل هي تلك المتعلقة بالتفكيك التدريجي للتعريفة الجمركية. وبينما كانت البضائع الأوروبية تتدفق، لم يكن لدى الجزائر أي شيء تستثمره سوى الغاز والنفط.
كشف التقرير المرحلي الأول الذي تم إعداده في عام 2015 عن عجز فادح في غير صالح الجزائر باستثناء المحروقات: في 10 سنوات، استوردت الجزائر 220 مليار يورو من البضائع من الاتحاد الأوروبي وصدرت إلى نفس المنطقة مقابل 14 مليار يورو.
وبلغ العجز في الرسوم الجمركية الناجم عن تفكيك التعرفة 700 مليار دينار خلال نفس الفترة ، خلالها تراجعت الصناعة الجزائرية بشكل حاد وبلغت الواردات ذروتها عند 60 مليار دولار سنويا.
الجزائر تنتقد الاتحاد الأوروبي لضعف استثماراته ، ووفقا لأرقام المكتب الإحصائي الأوروبي (يوروستات)، المنشورة في ديسمبر 2017، بلغت أرصدة الاستثمار الأجنبي المباشر التي تحتفظ بها شركات الاتحاد الأوروبي في الجزائر 14.62 مليار يورو في نهاية عام 2016. وهو رقم أقل بالنسبة لها من مصر والمغرب، حيث هذه الأسهم على التوالي 43 مليارًا و15.72 مليار يورو.
ورغم أن شروط تفكيك التعريفات الجمركية قد تبدو عادلة، لأنها متبادلة، فإن الحقيقة تظل أن أوروبا تلجأ إلى أساليب أخرى لتحصين نفسها، وأبرزها معايير الصحة والسلامة وغيرها من المعايير الصارمة والرادعة.
اتفاقية الشراكة: فتح السوق الأوروبية أمام المنتوجات الجزائرية ذات الأصل الحيواني
وفي الوقت نفسه، يرفض الاتحاد الأوروبي أي إجراءات يتخذها شركاؤه لحماية اقتصاداتهم. وفي يونيو 2024، تم فتح إجراءات قضائية ضد الجزائر، التي اتخذت إجراءات سيادية لترشيد وارداتها وتنظيم استثماراتها.
وكانت المفوضية الأوروبية قد سلطت الضوء على قيام الجزائر بفرض “قيود في عدة قطاعات، تتراوح من المنتجات الزراعية إلى السيارات”، و”نظام تراخيص الاستيراد “، وإلزام مصنعي السيارات بدمج عدد متزايد من المنتجات نسبة المنتجات المحلية. وبعد شهرين، في سبتمبر/أيلول، عارض منتج جزائري اللوائح الأوروبية.
بعد عدة أسابيع من النجاح الهائل في فرنسا، تم حظر انتشار المردجين بقرار من وزارة الزراعة الفرنسية التي طرحت لائحة الاتحاد الأوروبي التي تحدد قائمة البلدان المسموح لها بطرحها في السوق و التي تحتوي على منتجات حيوانية الأصل في تكوينها ، و يحتوي المردجين على حليب مستورد من فرنسا.
وهذا المعجون الذي تصنعه ماركة سيبون هو مجرد مثال على جودة المنتجات التي تصنعها الجزائر دون التمكن من طرحها في أوروبا. وفي هذه العملية، اكتشف الجزائريون أن العديد من المنتجات المنتجة محليًا لا يمكن تصديرها إلى أوروبا مثل المايونيز والأجبان والمواد القابلة للدهن بينما تخضع المنتجات الزراعية لنظام الحصص.
وينبغي أن تركز المفاوضات المستقبلية بشكل أساسي على فتح السوق الأوروبية أمام المنتجات الجزائرية، وأن تشمل بشكل خاص القسم المتعلق بالمنتجات ذات الأصل الحيواني، وكذلك الفواكه والخضروات التي تنتجها الجزائر من حيث الكمية والنوعية. أما معجون المردجين أو مايونيز سيفيتال أو عنب بومرداس من المفترض أن تجد طريقها بسهولة إلى الأسواق الأوروبية.
إن إعادة التفاوض على هذه البنود سيكون لها تأثير على فتح السوق الأوروبية أمام المنتجات الجزائرية الجديدة مثل المواد القابلة للدهن والمايونيز والأجبان وغيرها ، وبذلك ستكون الاتفاقية أكثر عدالة وتوازنا.