المغرب: الحاكم بين الديكتاتورية والأمراض النفسية
فريد بوكاس صحفي باحث وناشط سياسي
1: الحاكم العربي مريض نفسيا:
إن الحاكم المغربي مريض بداء الحكم وهذا أبسط وأنسب تحليل نفسي لشخصيته ، ويعاني هذا المريضنفسيا من بعض الإضطرابات العقلية ويطلق عليه ” اضطراب الشخصية المعادي للمجتمع”. ومن سمات هذه الشخصية أداء الأعمال مرارا وتكرارا وحب الذات ، الخداع والاندفاع وعدم الندم.
فمن الصعب أن تجد ديكتاتوريا لا تظهر عليه تلك السمات ، فهؤلاء الأشخاص لا يكذبون فقط على الآخرين ولكن أيضا على أنفسهم . فهؤلاء المرضى النفسيون ليسوا فقط كذابين ولكنهم أيضا لا يشعرون بالندم تجاه الأبرياء الذين يقتلونهم. فقد كان جون جاسي – أحد من ينتمون لهذه الطائفة – يستخدم العديد من الوسائل القاسية لتعذيب ضحاياه لعدة ساعات ثم يقوم بإيفاقتهم بعد أن يغشى عليهم من شدة التعذيب ثم يقتلهم.
وقد أجرى سكوت أتران – وهو طبيب نفسي بجامعة ميشيغان بدراسة سلوك أفضل رجال العالم على مدى عقدين – أجرى حديثا مع كل من خالد مشعل زعيم حركة حماس وأبو بكر باعشير ، أمير جماعة إسلامية مسلحة جنوبي شرق آسيا ، وحافظ سعيد المنتمي إلى جماعة “العسكر الطيبة” الإرهابية ؛ ووليام بيرس ، الزعيم الراحل لحركة يسود فيها العنصر الأبيض في الولايات المتحدة ، ولم يجد أتران أي من هؤلاء الرجال مختلفي الجنسيات يمكن وصفه بأنه من الطغاة ، في حين أنهم قد يلجأون إلى استخدام القوة أحيانا.
وأخيرا خلص أتران من هذه المحادثات أن المحرك الرئيسي في تعاملات الشخص القوي هو الأخلاق ، وليست السادية أو القسوة المفرطة أو حتى الجشع. و أشار أتران إلى أن هتلر قد رفض ما يعادل مئات الملايين من الدولارات المعاصرة في مقابل إعادة تصنيف مجموعة صغيرة من “النمساويين اليهود” كغير يهود.
2: الشخص الديكتاتوري عادة ما يكون مريض بجنون العظمة:
فمعظم الزعماء غير الديكتاتوريين يستغلون مرؤوسيهم الذين يتم تفويضهم في عمليات الإستجواب . بينما يقوم الطاغي المغربي بترتيب حياته بحيث لا يمكن لأحد أن يلعب هذا الدور معه . يقول فرانك ديكوتير الأستاذ بجامعة هونج كونج “إن ما يزعجني كثيرا ليس فقط سيكوباتية بعض هؤلاء الزعماء بل أيضا ، السلطة المطلقة التي خولوها لأنفسهم والتي كانت سببا في تغييرهم بمرور الوقت.” ، كما قام ديكوتر بتأليف كتاب حول “أشد كارثة مدمرة واجهها التاريخ الصيني تحت عنوان “مجاعة ماو العظيمة” ” حيث ظل ماو في السلطة فترة طويلة ، وازاداد الظلم والفساد إلى درجة كبيرة لم يستطع ماو تداركها إلى أن ساءت حالته واتخذ لنفسه قوقعة يعيش بداخلها.
إن الشخص الديكتاتوري لا يستطيع أن يرى واقع نفسه أو علاقاته بالآخرين . فقد أوضح تقرير- نفسي أعده داتشار كليتنر ، بجامعة كاليفورنيا عام 2003 وورد بأحدى الجرائد – مدى تأثير السلطة المطلقة في سلوك هؤلاء الذين وصلوا إليها . فالشخص المتقلد للسلطة تتزايد لديه الرغبة في انساب الإنجازات التي لم يقم بها إلى نفسه ، حيث يرى العالم من حوله أبسط مما هو عليه بالفعل.
قام ملك المغرب باستبعاد المئات ممن يهددون سلطته . وهو يشبه في ذلك ستالين ، الذي تحركت مفوضية الأمن التابعة له ضد مناطق كاملة للمعارضة منالمجتمع السوفيتي ، هكذايقمع الديكتاتور المغربي أية انتقادات أو معارضات من أجل حماية نظامه المستبد ، وهذا ما يفسر تصرفاته غير الموزونة في السنوات الأخيرة.
يقول العالم النفسي الأمريكي المتخصص في تأثير السلطة على الحاكم – رينا بروكس “إن الحاكم الديكتاتوري دائما ما يعيش في خيال قوة الشخصية ويرى نفسه وكأنه بطلا ، وعند تحدي تلك البطولة التي يتخيلها ، يظهر عليه جنون العظمة.”
3: الحاكم الديكتاتوري هو شخص طبيعي لكنه يعاني من إضطرابات عقلية في ظروف استثنائية وتتمثل هنا في تقلد مفاتيح السلطة المطلقة:
فعلى سبيل المثال، جاء في كتاب “الخوف” لـ بيتر غودوين أن روبرت موغابي، رئيس زيمبابوي – كان في بداية حياته -شابا مهذبا ورعا ولم يكن طاغية ، ولم يكن شاربا للمسكرات، فكيف تحول هذا الشخص إلى وحش كاسر؟ ومن ثم يمكننا الأخذ بقول لوورد أكتون بأن السلطة المطلقة هي التي أفسدت موغابي ، ولكن كيف أفسدته؟
ففي بحث جديد تحت عنوان “كيف تفسد السلطة صاحبها “، اقترح فريق من علماء النفس بجامعة كولومبيا أن السلطة لا تغير سيكولوجية ذوي النفوذ ، ولكنها تعمل على تغيير فسيولوجياتهم. حيث أوردت الكاتبة دانا كارني أن السلطة تخفف الكثير من عوامل الإجهاد اليومي – فالطغاة لا ينتابهم القلق بشأن قيادة سيارة أو دفع رهن عقاري – لذا ينخفض لديهم هرمون الكورتيزول الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالضعوط العصبية .
ولكن بسبب إنخفاض مستوى الكورتيزول ” يتمتع الأقوياء بوفرة من الإدراك العاطفي والمعرفي يستخدمونها عند زيادة الضغط عليهم”. وهكذا ، لا يندم الطغاة على ما يفعلون.
فمهما كانت الأسباب لا يوجد عذر أبدا لهذا الديكتاتور الذي استعبد الشعب المغربي وفقره بعدما أن نهب خيراته على ما يرتكبه من جرائم . ولم يخلق الله تعالى عقولنا لتكون مجهزة لتولي السلطة المطلقة ، ولكن ربما يخوض الطاغي معركة السلطة إلى النهاية لأنه لا يدرك أن النهاية قريبة ، ومن ثم يجب على ملك المغرب وغيره من الطغاة العرب أن يتنحوا قبل أن يفقدوا كل شيء ، بل كان على صدام حسين أن يساوم على الإحتفاظ بحياته ، ولكن مع الأسف ، فإن الحكام الديكتاتوريين أقوياءعسكريا ، ضعفاء نفسيا ولهذا يدمرون شعوبهم .