المعارضة المغربية بين الانفصال و التخوين
فريد بوكاس ، صحفي باحث و ناشط سياسي
قبل أن نتطرق إلى موضوع المعارضة السياسية ، لابد لنا من إلقاء نظرة موجزة عن ماهيتها . فالديموقراطية تعتبر جزءا وجوديا وضروريا ، لنجاح النظام الديمقراطي وحماية الحريات الفردية للمواطن ، ولا يمكن تصور وجود ديمقراطية بدون معارضة تتمتع بكامل الحرية فى ممارسة نشاطاتها السياسية ، وفى نقدها لسلطات الحكم الثلاث ، وفي تجييشها السلمي للمواطنين لمعارضة هذا القرار أو ذاك ، أو لرفض هذا القانون أو ذاك ، وفي طرحها فكرا وبرنامجا سياسيا مخالفا للفكر السائد ، وهي تتمتع بحق لا يمس كحقها في إقامة الندوات الحوارية والمهرجانات الشعبية السياسية من أجل بث أفكارها وبرامجها بين المواطنين .
ومن أجل إيصال صوتها إلى الناس يجب أن يكون لها مكان في جميع وسائل الإعلام الرسمي ، إضافة إلى حقها في امتلاك وسائلها ومنصاتها ومنابرها الإعلامية الخاصة بها. ولا يكتمل دورها إن لم يكن لديها القدرة على الحصول على المعلومات التى تحتاجها وتطلبها من كل الدوائر الرسمية والمدنية المعنية ، بالطبع هذا في البلدان الديموقراطية .
أما في بلدنا الحبيب المغرب ، مغرب الاستثناءات ، و قبل التطرق إلى مفهوم المعارضة فيه ، علينا تقسيم هذه المعارضة إلى قسمين ، معارضة مقيمة بالخارج متشبعة بأفكار الدول التي تعيش على أراضيها ، و معارضة الداخل التي تعيش القهر و الحرمان ، و كلا المعارضتين يتفقان على مبدأ واحد و هو تحسين الوضع المعيشي و محاربة الفساد و محاسبة المتورطين فيه .
ولكي تكون معارضا للنظام المغربي ، عليك أن تكون مستعدا لكل الاتهامات المنجزة مسبقا ، فالبنسبة لمعارضة الداخل تكون التهم في غالبيتها محاولة زعزعزة استقرار أمن البلاد بعدما أن كانت تجهز تهما بالانتماء لجماعة إرهابية . أما بالنسبة لمعارضة الخارج ، فالتهم هي العمالة لدولة أجنبية ، التخابر مع الجزائر ، دعم البوليزايو و ….
فإن كان التعاطف مع إخواننا الصحراويين انفصالا ، فعلى هذا الأساس يكون الحسن الثاني أول انفصالي و خائن للوطن بعدما عرض على الصحراويين الاستفتاء ، كما أن محمد السادس يعتبر أول من التقى ابراهيم الغالي زعيم البوليزاريو حاليا بمدينة مراكش رفقة البصري حين كان وليا للعهد ، ألا يعتبر محمد السادس خائنا للمغرب ؟ أليس النظام الحالي يتفاوض مع جبهة البوليساريو ؟ فلماذا لا يتم اتهام النظام بالخيانة ؟
إن النظام المغربي بكل بساطة ، نظام فاشل على كل المستويات ، السياسية ، الاقتصادية ، الاجتماعية ، الصحية ، التعليمية و …. في المقابل إنه نظام ناجح في تهريب الأموال و نهب الثروات و تفقير الشعب و الاعتقالات و الاضطهاد … و تكفي التقارير الدولية التي صنفت بلاد الاستثناءات في مؤخرة دول العالم في كل المجالات .