المخزن بين عهدي الحسن الثاني ومحمد السادس
فريد بوكاس صحفي باحث و ناشط سياسي
إن المتتبع للشأن السياسي المغربي يلاحظ الاستعمال المفرط للنظام المغربي لمصطلحات وعبارات كانت بالأمس القريب ولازالت تعتبر مطالب شعبية ضرورية من قبيل : الحقيقة والإنصاف، ثقافة حقوق الإنسان،تدريس الأمازيغية… غير أن المخزن المغربي استعمل هذه المصطلحات كشعارات فقط وأفرغها من مضامينها المطلوبة،وأنشأ هيئات ومؤسسات ومعاهد رصد لها ميزانيات خيالية من أجل تمييع وتشويه الحقائق وخلق ثقافة اليأس والتدجين.
في عهد الحسن الثاني كان النظام المخزني يعتمد على مجموعة من الأعيان الموزعين على كافة التراب الوطني، فكان النظام يغدق عليهم بالعطايا والهبات والأراضي الفلاحية ومقالع الرمال… فكان هؤلاء الخدام يستغلون نفوذهم من أجل تمرير الشعارات المخزنية من أجل تسويقها لدى الرأي العام.
أما في عهد ما يسمى العهد الجديد،فقد تأكد النظام أنه لا جدوى من الاعتماد على قدماء الأعيان نظرا لأميتهم وشيخوختهم السياسية، فتم تشكيل طبقة جديدة من الأعيان الجدد خدام الأعتاب الشريفة، جلهم من المتياسرين السابقين،قاسمهم المشترك مع قدماء الأعيان صفات: الإنتهازية والوصولية والنفاق السياسي، وأصبح الأعيان الجدد يمارسون ما يسمى بالسياسة المقنعة،وذلك عن طريق استغلال جمعيات مدنية من أجل كبح جماح العمل الجمعوي الجاد وتشويهه، أو باستغلال النفوذ داخل الهيئات والأحزاب السياسية لعرقلة كل الأصوات الحرة الشريفة،فأصبحت كل جهة بالمغرب تتوفر على “كرزاي” خاص بها.
منذ الاستقلال الشكلي إلى يومنا هذا لم يسجل للنظام المخزني أي نجاح إقتصادي باهر،فالخيارات التي سلكها مبنية على الزبونية والتدخلات العشوائية لتسيير اقتصاد مبني على الريع، أما على المستوى السياسي فقد نجح المخزن في ابتكار الدسائس ونهج سياسة فرق تسد وتفكيك وتقزيم البنية السياسية عن طريق تفريخ الأحزاب وإنشاء جمعيات مشبوهة التي لعبت أدوارا خطيرة في تمييع العمل الجمعوي بالإضافة إلى تأسيس أحزاب كوكوت مينوت الإدارية التي تتغذى على العلف السياسي.
إن المخزن هو الذي ساهم في تخريب الأحزاب وإضعافها وهو من شكل/أسس أحزاب إدارية من أجل تشويه المشهد السياسي،والمخزن هو الذي عمل على مخزنة الأحزاب، فالذي يحتاج إلى إصلاح وتأهيل هي الدولة المغربية التي ينخرها الفساد بشتى أنواعه.
لقد نجح المخزن في إنتاج الشعارات الفضفاضة الزائفة التي لا طريق لها نحو التطبيق، فطبيعة النظام المخزني المغربي لم تتغير،فالمغرب يعيش ما يسمى العهد الجديد ولكن بأدوات قديمة.
إذا كان العهد القديم قد تميز بالتنكيل والاعتقال وخرق حقوق الإنسان، فإن العهد الجديد تميز بالإضافة إلى ماسبق أن النهب الممنهج لثروات وأموال الشعب المغربي هي العملة المتداولة لدى المقربين من النظام{مدراء مؤسسات عمومية،موظفون كبار في الدولة…} وقد بلغ العدد الإجمالي للمال المنهوب المسروق 134.281 مليار درهم.
وكنتيجة للتسيير الغير الراشد أصبح مغربنا السعيد يحتل المرتبة 126 عالميا بين دول العالم فيما يخص التنمية البشرية، والمعروف عنه عالميا أنه البلد الذي يعتلي مرتبة بارزة في مجال نهب الأموال العامة.
تقول إحدى الحكايات الشعبية أن مجموعة من الأحزاب السياسية ذهبت إلى رئيس الدولة وطالبته بتطبيق الديمقراطية، لكنه راوغ وفكر فقدر فقال لهم إن هناك فئة من جماعات متدينة تكفر بالديمقراطية التي تطالبون بتطبيقها وينادون بالشورى، فما عليكم إلا أن تفتحوا المعركة معهم.