هل الإصلاحات ملاذ للنظام المغربي من الشعب الثائر ...؟
هل الإصلاحات ملاذ للنظام المغربي من الشعب الثائر …؟
فريد بوكاس: صحفي باحث و ناشط سياسي
الكل متفق على أن النظام المغربي من أعتق الأنظمة في العالم نظرا للمدة التي يتربعها الحاكم المغربي على السلطة وإنفراده بالحكم بدون مُنازع.. وهذا ناتج بطبيعة الحال أولا عن تجبر وتسلط النظام بغية تثبيت ركائز حكم قائد فُرض على الشعب كرها شاء ذلك أم أبى ، ولو كان يخالف أعراف الديمقراطية والعدل المتداولان..
ثانيا عن جهل الشعب المغربي لحقوقه وواجباته، ماله وما عليه اتجاه نفسه في المرتبة الأولى والنظام الحاكم، والعكس كذلك.. ولن يترسخ هذا وذاك إلا بثورة فكرية إصلاحية من أدبياتها المصلحة العليا للشعب والوطن بدل التشبت بمنطق “الأنا” الذي لا يأتي إلا على دمار الأوطان وتعاسة المواطنين..
وأظن أن المغرب اليوم خضم موضة (الثورات المقتبسة) في وضع لا يحسد عليه وغنى عن مثل هاته الصراعات بين الحاكم والمحكوم، والثائر والنظام.. لأن ترتيب البيت السياسي بكل أبعاده والمنظومة الأمنية للشعب في المقام الأول ثم تليها المرحلة الثانية لإصطفاء من هو أهل لقيادة البلاد والعباد .
إن المدة التي مُنحت للنظام المغربي المعاصر بعد تسلمه زمام الأمور من سابقه ، كافية لمعرفة قدرته على الإصلاح ومواكبة المسلسل الديمقراطي الذي تبناه منذ إعتلائه عرش الحكم، هذا المشروع الديمقراطي المزعوم والمنشود في نفس الوقت، حقيقة إستبشرله الشعب بعدما ظُن أن سحابة ظلم وقهر وإستبداد النظام السابق ، ستمطر غيث الحرية والديمقراطية والعدل إبان توليه مقاليد الحكم وتكون “خير خلف لأظلم سلف” إعتبارا أن وصول هذا النظام الشاب لسدة الحكم بمثابة إجثتات البلاد من مستنقع الديكتاتورية و-التفَرعُن- إن صح التعبير، لكن أتت رياح الحاكم الجديد المتوخى منه بزوغ فجر الحرية بما لا تشتهيه سفن الشعب المغربي التواق للعيش الكريم، وٱستمر العيش في حِجج من الزمن تنشُد حُلمها العربي – ليس من أجل تحرير فلسطين الحبيبة لا سامح الله لأنها لا زلت قاصرة ودون سن الرشد لتحقيق هذا الحلم العربي المقدس – وإنما حلم أن يعيش الشعب المغربي تحت سماء الديمقراطية والحرية والعدالة ولم لا الوحدة المغاربية .. فشتانا بين حلم يُرجى أن يتحقق وأضغات أحلام .
ربما عهد الإصلاحات والتغيير أكل عليه الدهر وشرب بالنسبة للحاكم بعد (الربيع العربي)..؟ ولا مجال بعد ثورة المحرومين والمظلومين للإمتصاص غضبهم وتمردهم على الأنظمة الحاكمة بنصوص دستورية لا ولن تُرسخ على أرض الحقيقة، ولا مكان كذلك لحرية وعدالة وديمقراطية لا محل لهم من إعراب التطبيق سوى الأسماء، لأن التغيير والمشاريع الإصلاحية تحت سيف الضغط لا تُصلِح ما أفسده التسلط وقت الرخاء .
أسئلة تطرح نفسها: أين كانت هاته الإصلاحات المزعومة والشعب يئِن بين آلام القهر وأمل الحرية..؟ وهل كان النظام الحاكم يكترث لشعبه قبل شروق شمس الربيع العربي..؟ أما كان حري بهذا النظام تدارك الأمر ومعالجته بإصلاحات فورية وفعلية قبل إستفحال المبدأ الثوري عند الشعب..؟ أين كانت أيادي الصفح وسيف التسلط أشد وقعا على رقاب الشعب..؟
رأس الحكمة شرَّع لنا على مدى قرون وأثبت أن “الثقة إذا فُقدت لا يمكن إسترجاعها.. ولو أسترجعت فهو إمتحان لنَيلِها” فالشأن المغربي معلول بداء فقدان الثقة في نظامه الذي أثبت في مواقع كثيرة على عدم أهليتها وجدراتها في تسيير البلاد.. وأكد هذا النظام للكل شعبا ومعارضة ومنتظما دوليا أنه نظام من أجل مصالحه الخاصة ضد مصلحة الشعب شعاره يُباد كل شيئ في سبيل ترسيخ قواعد حكم ديكتاتوري متجبر.
المجد والسؤدد لنظامنا المغربي .. أما الشعب فهو في حاجة إلى فهم قول الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي “ومن لا يحب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر” فوا أسفاه على ما آلت إليه أوضاع الشعب المغربي …