المغرب و الشكل الجديد للمصالحة الوطنية …
فريد بوكاس ، صحفي باحث و ناشط سياسي .
أحيانا يراودني الشك ، هل فعلا نعيش في كوكب من نوع آخر ، هل فعلا هناك إصلاح بالمغرب أم أن المسألة لا تغدو طلاء على وجه بشع ، تجميل لوضع لا يقبل حتى بفكرة التغيير ، وضع شب وشاب على الفساد ، تربى على الريع ، لا يؤمن إلا بالمحسوبية وبالاعتبارات العائلية من أنتم ؟ واقع ديكتاتوري اقصائي غير معلن صراحة …
نظام لا يحاسب من ينتسب إليه ، يحمي المفسدين أينما حلوا أو ارتحلوا ، لم نسمع يوما عن مسؤول سابق أو لاحق في قفص الاتهام ، لا وزراء ولا عمال ولا رؤساء بلديات ولا مدراء مؤسسات عمومية عرفت بالفساد ، لا أحد يسأل نسبة الفاسدين من هؤلاء صفر ، المجالس السفلى للحسابات لم تكتشف مختلس واحد ، نسبة الراسبين في تقاريرها صفر وهو يشبه كثيرا نسبة النجاح في المدارس الخاصة ، حكومة تذهب وتأتي أخرى ولا أحد متهم ، حكومة عباس الفاسي عدد المفسدين فيها لا أحد ، وبعدها حكومة بنكيران و الآن حكومة العثماني ، هل فعلا هؤلاء شرفاء مطهرون معصومون عن الخطأ ، لا يأتيهم الباطل من أمامهم أو من خلفهم ، أم أن المسألة لها أبعاد أخرى لا يعلمها إلا من أكل حتى شبع وارتوى من أموال الشعب التي نهبت في ليلة ظلماء فقد فيها البدر والضمير وحضر القمع والظلم والجشع ؟.
أجل لا أحد يحاسب إلا ضعفاء الشعب ، محاكم الأمة ليست للمسؤولين ، لا يدخلها وزير أو مدير إلا للتدشين أو التعيين فقط ، أما للسؤال من أين لك هذا فهذا من فضل النظام والنظام لا يسأل أحد من هؤلاء ، وهم رمز الأمة في الأخلاق إنما الأمم الأخلاق ما بقيت …فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا ، فعلا فإن هم ذهبت أخلاقهم رحلوا وليس سجنوا أو حوكموا ، ولا أحد منهم يحاسب فقط ذلك المسكين الذي طالب بمستشفى أو جامعة أو عيش كريم …
نظام يخترع شكل جديد للمصالحة الوطنية ، أموال الشعب للمحظوظين من ضحاياه ولا حساب للجناة ولأبطال سنوات الرصاص ، نظام يرفع شعار لا للرشوة ولا أحد يحاسب على أخذ الرشوة أهذا معقول؟ أوليس معلوم أن الرشوة تعطى في المحاكم أكثر من غيرها من المرافق العمومية وعلى الطرقات؟ كيف لا يمكن أن نستيقظ كل يوم على متلبس بالرشوة ؟ أهذا شيء صعب أوليس في البلد من يقول كفى من نهب أموال الشعب ؟ كفى من الاستهتار بالعقول ؟.. الجناة الحقيقيون وأبو الجهالة خارج السجون ينعمون وأصحاب الأقلام الحرة في السجن قابعون أو في المنفى تائهون !!!.
من سيحاسب هؤلاء؟ الشعب أم من يمثله؟ أم الحساب يوم الحساب؟ أم أنه فعلا عدد المفسدين لا أحد؟ أم أن المسألة نسبية؟.. من هو مفسد بالنسبة لي هو غير مفسد للبعض ، أم أن نهب المال العام ليست جريمة ؟ أم أن الحساب يجمع لثورة من نوع آخر قد تكون فيه الغلبة لضمير الشعب وللحس الوطني تحت شعار لا لا لا إفلات من العقاب و الحساب ولا أحد فوق القانون ، سيحاسب المفسدين ولو بعد حين؟، من أين لك هذا يا هذا ؟ أم أن هذا من فضل أموال الشعب والقربى من النظام والمساكين قد ولى ، و قد تبين الرشد من الغي؟.
نتمنى أن تعدل كفة الميزان ويحاكم الوزير على الاختلاس والتزوير كما حوكم الراعي الفقير بذنب كبير دوره كان فيه صغير لا يفرق بين حاسوب وعلبة سردين وهو في الحقيقة عذر أعظم من ذنب …