وفي 11 أكتوبر/تشرين الأول، تلقت الوزارة المكلفة بشئون البرلمان عريضة تشريعية تطالب بمنح الجنسية المغربية لجميع المنحدرين من اليهود المغاربة.
وتقدمت جهات مجهولة بطلب إلى المحكمة العليا، بهدف ضمان تمتع أطفال وأحفاد اليهود المغاربة “بكامل الحقوق الدستورية والاقتصادية والاجتماعية”، مع التركيز على اندماجهم في المجتمع المغربي.
ويطالب المحتجون المغرب أيضًا بالسماح لليهود باستعادة الممتلكات التي فقدوها عندما هاجرت عائلاتهم، والعمل مع بلدان إقامتهم الجديدة “لحمايتهم”.
وتم تقديم العريضة لأول مرة في يونيو/حزيران الماضي، أثناء زيارة قام بها أمير أوحانا، رئيس الكنيست الإسرائيلي، إلى الرباط.
والآن، بعد مرور أكثر من عام، ظهر الاقتراح على “البوابة الوطنية للمشاركة المواطنة” في المغرب – وهي منصة تسمح للمواطنين بالمشاركة في صياغة قوانين البلاد، وهو الحق الذي تمنحه المادة 14 من دستور المغرب لعام 2011.
ولكي يتم تقديم العريضة رسميا إلى مجلس النواب، يتعين عليها جمع عشرين ألف توقيع. وحتى الآن، لم يوقع على العريضة سوى أقل من ثلاثمائة شخص. وإذا وصلت العريضة إلى العدد المطلوب، فسوف يكون أمام مجلس النواب خمسة عشر يوما لاتخاذ قرار بشأن قبولها أو رفضها.
وبالنسبة للمجموعات المؤيدة لفلسطين، فإن العريضة تمثل “محاولة صهيونية” للدخول إلى مؤسسات المغرب والالتفاف على الأمن.
ويقول عزيز هناوي، عضو المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، إن “هذا القانون من شأنه أن يمنح الجنسية المغربية للإسرائيليين المتورطين في جرائم في غزة ولبنان”. وحذر من أن الاقتراح له تداعيات أوسع على أمن البلاد.
في عام 1948، كان المغرب يضم أكبر جالية يهودية في المنطقة، حيث بلغ عدد سكانها 260 ألف يهودي.
بين عامي 1949 و1967، غادر 200 ألف يهودي مغربي المغرب بعد تأسيس إسرائيل، بحثًا عن الفرص الاقتصادية والأمان وسط تصاعد المشاعر المعادية لليهود داخل الحركة القومية المغربية.
وفي السبعينيات والثمانينيات، هاجر خمسون ألف يهودي آخر إلى إسرائيل. واليوم يعيش نحو 90% من اليهود من أصل مغربي في إسرائيل، في حين ينتشر العشرة% الباقون في فرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة وكندا وأميركا اللاتينية.
وعندما هاجروا، تخلى كثيرون منهم عن جنسيتهم المغربية لتسهيل اندماجهم في المجتمع الإسرائيلي، خاصة وأن المغرب كان لا يزال يعارض رسميًا العلاقات مع إسرائيل في ذلك الوقت. ومع ذلك، منذ تطبيع العلاقات بين البلدين في عام 2020، عادت إمكانية استعادة الجنسية المغربية إلى الظهور.
ويقدر عدد اليهود من أصل مغربي الذين يعيشون في إسرائيل اليوم بنحو مليون شخص، على الرغم من أنه من غير الواضح عدد الذين ما زالوا يحملون الجنسية المغربية.
وفي خضم الحرب الإسرائيلية على غزة، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لجنود إسرائيليين من أصول مغربية يغنون أغاني تقليدية ويتحدثون باللهجة المغربية، ما أثار الجدل مجددا.
ودعا بعض الإسرائيليين من أصل مغربي، مثل شمعون أوهايون، رئيس منظمة الإسرائيليين من أصل مغربي، المغرب إلى الوقوف إلى جانب إسرائيل.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كتب أوهايون رسالة مفتوحة إلى الملك محمد السادس، حثه فيها على عدم التخلي عن إسرائيل ودعم ما يسمى “حقها في الدفاع عن نفسها” ضد ما أسماه “المنظمات الإرهابية”.
أين يقف المجتمع اليهودي في المغرب؟
وفي المغرب، ظلت الجالية اليهودية، التي يبلغ عددها الآن نحو 2000 شخص، بعيدة إلى حد كبير عن السياسة فيما يتصل بالفظائع التي ارتكبتها إسرائيل في الماضي.
واليوم ـ رغم دعمهم للتطبيع ـ أدان زعماء المجتمع المحلي الحرب على غزة، ودعوا إلى وقف إطلاق النار والحلول السلمية.
وقال جاكي كادوش، رئيس الطائفة اليهودية في مراكش، إن “قتل المدنيين والنساء والأطفال لا علاقة له بديننا”. كما انتقد الحاخام كادوش عريضة الجنسية الأخيرة، ووصفها بأنها “طائفية” وحذر من “التمييز التشريعي على أساس الدين”.
على الرغم من أن معظم اليهود المغاربة يفضلون البقاء بعيدًا عن السياسة، إلا أن بعضهم اتخذ موقفًا قويًا ضد إسرائيل والصهيونية.
ومن بين الشخصيات اليهودية المغربية البارزة سيون أسيدون، زعيم حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها في المغرب. وكان أسيدون، وهو ناشط مخضرم في مجال حقوق الإنسان، في طليعة جهود مناهضة التطبيع منذ فترة طويلة، حتى قبل أن تقيم المغرب علاقات رسمية مع إسرائيل.