ماهية النظام المغربي الهجين …
إن السياسية التي ينهجها النظام المغربي ، قدمت بديلا فعالا و فعليا للعمل المخابراتي الرسمي النظامي ، و أعفت النظام من أعباء هذا الأخير الحقوقية و ما يترتب عنها من مآخذ محلية و دولية ، بشكل صار يُحيل على دولة المخزن ، و نظام المخزن ، و شعب المخزن !!
فإذا كان المخزن في عهد المستبد السياسي يمثل حصرا الجهاز الإيديولوجي للدولة ، فإنه صار يمثل في عهد المستبد الاقتصادي عقيدة فلسفية عند الشعب ، يشترك في الانتساب إليها المسلم و المسيحي و اليهودي و الملحد و اللاديني. و بهذه الطريقة تَمَخْزَنَتْ شريحة كبيرة من الشعب المغربي ، لدرجة أنها تطبعت بطباع المخزن و تشرّبت ثقافته العبودية التي صارت تُجسَّد في الأعراس و المناسبات و الأعياد (اللباس المخزني ، طقس العمارية التي يحملها أشخاص في هيئة عبيد ، تلقيب العريس بمولاي السلطان…). مما أنتج لنا شعبا مخزنيا أكثر من المخزن و ملكيّا أكثر من الملك …
لذا نجد أن الدولة المغربية المستبدة القامعة البوليسية ، واعية بعدم قدرة “المخابرات” على مواجهة شعب بأكمله ، و هذا ما اهتدى له النظام المغربي منذ وفاة الحسن الثاني و بداية ما سُمّي بالعهد الجديد . حيث أملت مجموعة من العبر التاريخية ( أحداث 23 مارس 1965 و 20 يونيو 1981) على النظام استراتيجية جديدة في الحكم و التحكم تسمى ب “افساد المجتمع”، أو توريط أكبر شريحة منه في فساد الدولة. ذلك بالموازاة مع التحول التكتيكي من “الملك السياسي” إلى “الملك المستثمر”، أي من العجرفة السياسية وما رافقها من قمع و تنكيل(سنوات الرصاص)، إلى الانتهازية الاقتصادية و ما نلحظه من تساهل للسلطات مع بعض الأصوات التي قد تبدوا مزعجة و جريئة ، ليس لحسن نوايا النظام و رغبته في القطع مع سياسيات الماضي ، بل فقط لأن ما يسمى ب “الاقتصاد السياسي” هو الذي يصنع الحقيقة في الدولة ، و ليس كلام الداعية السياسي سواء كان يساريا أو اسلاميا.
إن النظام السياسي المغربي نظام هجين ، يعيش حالة انفصام بين وضع داخلي يستخدم فيه أدوات كلاسيكية لتطويع كل القوى السياسية وتحقيق السيطرة الاقتصادية، ووضع خارجي يحاول أن يوظف فيه آليات العصر ومن بينها الديموقراطية، وذلك ليس إيمانا بها، وإنما مجاراة للتطور الذي تعرفه أغلب بلدان العالم ، في محاولة لتسويق نظام متآكل بوسائل عصرية حديثة.
فالترقيع الذي قام به ولازال يقوم به النظام المغربي من روتوشات ومونطاج وماكياج هنا وهنا ليظهر بذلك الوجه الجميل ، وذلك عن طريق معبد مسبقا من إنزال دستور مفبرك ، وحكومة بائسة ، ومن هبات وصدقات يضحك بها على ذقون الضعفاء ، لن تغطي عن تلك الإنتهاكات التعسفية ضد الإنسانية وعن الأكاذيب والتهم الباطلة التي يقمع بها الشعب المغربي تحث مظلة مكافحة الإرهاب وحرية التعبير بإصدار أحكام قاسية لكل من ينتقده ( يعاقب بالمس بالمقدسات وأي مقدسات هي أصلا موجودة فيه؟) أو بفضح الفساد والإرتشاء داخل نظامه الفاسد والمتعفن.
إن التغيير الصحيح في المغرب ، هو إسقاط فساد النظام وبذلك سيسقط النظام ، ومحاكمة كل من نهب ثروات البلاد واستعبد العباد على جرائمه مهما كانت ، وإسقاط الحصانة عنهم وعن الجنرالات وغيرهم… فإذا أراد الشعب المغربي أن يتحرر من الذل والإهانة والعبودية والظلم والإرتشاء والفساد والنهب والسرقة ويصنع مجدا له بالحرية والعزة والكرامة والديمقراطية ، يجب أن يقف في وجه هذا الفساد اللعين وأن يرفع صوته عاليا في كل المدن والقرى المغربية بدون خوف: نريد إسقاط فساد النظام حتى يسقط النظام.
مع تحيات : فريد بزكاس
صحفي باحث و ناشط سياسي
السلام عليكم،ارجو منكم استاذ بوكاس التطرق لمشكل مدرسة الريادة و تأثيرها على المدرسة العمومية وجعلها قضية رأي عام من أجل الدفاع عن المدرسة العمومية و حمايتها من الخوصصة.
مرحبا أستاذة ثريا ، يمكن لكم إرسال المواضيع و المقالات ، و سنقوم بنشرها ، فالوكالة للجميع .
لكم منا أصدق التحايا