اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان تطلب لوضع حد لـنزيف الكليات
اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان تطلب لوضع حد لـ “نزيف كليات الطب العامة”، وحثت الحكومة على التخلي عن “سياساتها الفاشلة” التي لم تنتج حلاً.
وصلت التوترات إلى نقطة الغليان عندما فرقت السلطات المغربية بالقوة اعتصاما سلميا لطلبة الطب خارج كلية الطب في الرباط يوم الأربعاء 25 سبتمبر. وقد أثارت هذه الاستجابة القاسية موجة من الصدمة في المجتمع الطبي وخارجه، وأثارت عاصفة من الانتقادات من قبل منظمات مختلفة. وقالت اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان بالمغرب، إن نحو 15 طالبا تم اعتقالهم خلال الحملة الأمنية .
كما أدانت اللجنة بشدة ما وصفته بـ “الاعتداء الوحشي” على الطلاب وأولياء أمورهم ، وطالبت باعتذار رسمي من الحكومة والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين. وفي بيان شديد اللهجة، أعلنت اللجنة ساخرة: “إن هذه المشاهد الحزينة التي يعيشها أطباء المستقبل تظهر مدى اهتمام الحكومة بالموارد البشرية وعملها الدؤوب على خلق جاذبية لحل مشكلة الهجرة، وتعزيز الثقة في المؤسسات، فضلاً عن جديتها الكبيرة في العمل على إيجاد حل للأزمة، كما عرفنا أنها تفعل دائمًا طوال هذه الأشهر العشرة من الإضراب المفتوح”. وقالوا أيضا إن العنف ليس وسيلة للتفاوض، وأكدوا التزامهم بأشكال الاحتجاج السلمية.
وطالبت اللجنة بإنهاء ما أسمته “نزيف كليات الطب العامة” على الفور، وحثت الحكومة على التخلي عن “سياساتها الفاشلة” التي لم تنتج حلاً منذ ما يقرب من عام. وأعلنت اللجنة عن خطط لتنظيم وقفات احتجاجية في كافة مستشفيات الجامعة يوم الخميس 26 سبتمبر/أيلول، “تنديدا بالانتهاكات والإذلال الذي يتعرض له أطباء المستقبل”. كما دعت اللجنة طلاب السنة الأولى الجدد إلى الانضمام إلى الإضراب، وأعلنت عن جمعيات عامة لطلاب السنة السابعة لمناقشة مقاطعة جلسة التعيين. و أعرب أساتذة كلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء، ممثلين بالمكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي، عن عميق أسفهم إزاء هذا الوضع، وأدانوا في بيانهم التدخل العنيف ضد الطلبة، وحذروا من أن المقاربة الأمنية لن تؤدي إلا إلى تعقيد الوضع أكثر.
وطالبوا بحل الأزمة بإعادة الطلبة الموقوفين عن الدراسة والتراجع عن قرار حل مكاتب مجلس الطلبة، كما أكد الاتحاد على ضرورة اعتماد نهج تشاركي في إصلاح الدراسات الطبية يشمل كافة المواقع الجامعية.
وأصدر مكتب الطلبة بكلية طب الأسنان بالدار البيضاء بيانا لاذعا وصف فيه هذه الحملة بـ«التدخل القمعي الذي سيبقى وصمة عار لا تنسى»، وتساءل بشكل واضح: «من المسؤول عن اعتماد نهج «كسر العظام» في التعامل مع ملف أطباء المستقبل؟». وتابع البيان بوصف حي للعنف: “كيف يمكننا في المغرب اليوم أن نقبل أو نتعود على ما تلتقطه عدسات الكاميرات من اعتقالات تعسفية، ودوس بالأحذية، واستخدام الهراوات على ظهور أطباء المستقبل؟ يا لها من عار!” وأضافوا أن “انتهاك كرامة وإنسانية الطلبة لن يزيدهم إلا شجاعة وإصرارا، ولن يزيدهم إلا قوة وعزيمة”. وأكد الطلاب أن هذا القمع سيدفعهم إلى الأمام “على طريق النضال الجاد والصبور والطموح”، متعهدين بمواصلة الضغط من أجل “مطالبهم المشروعة”.
كما أصدر قطاع التقدم والاشتراكية بيانا شديد اللهجة، وصف فيه هذه الحملة بأنها “انتهاك صارخ للأسس الدستورية، وخاصة تلك المتعلقة بحرية التعبير والاحتجاج السلمي”، وطالب بفتح تحقيق في ملابسات هذا “التدخل الأمني العنيف”، وأعرب عن تضامنه الكامل مع طلبة الطب بالرباط .
أعلنت اللجنة الوطنية للأطباء المقيمين والمتدربين عن وقفات تضامنية وطنية بمختلف المستشفيات الجامعية يوم 26 سبتمبر على الساعة الثانية ظهرا. وأكدت في بيانها أن “الاعتداء على حرية التعبير والتظاهر السلمي هو اعتداء على كل الأطباء والطلبة وكل من يؤمن بمبادئ العدالة والكرامة”. كما عبرت هيئة طلبة الطب والصيدلة بمراكش عن دعمها، وأعلنت عن وقفة تحذيرية محلية يوم الجمعة بكلية الطب والصيدلة بمراكش، وأكدت تمسكها بـ “مطالبها العادلة والمشروعة” ونددت بـ “السياسة القمعية” المستخدمة ضد النضال الطلابي السلمي.
إن هذه التصريحات ليست سوى عينة من الإدانة والتضامن الواسعين اللذين عبرت عنهما مختلف المنظمات الطبية والطلابية في مختلف أنحاء المغرب.
وتعود الأزمة الحالية إلى إضراب طلاب الطب الذي استمر قرابة عشرة أشهر، احتجاجا على قرارات وزارية وحكومية يقولون إنها تهدد مستقبلهم الأكاديمي والمهني. وتشمل مطالبهم تحسين جودة التدريب الطبي العام، ومعالجة القضايا المتعلقة بالتدريب في المستشفيات، والمخاوف بشأن الامتحان الانتقائي الوطني لحاملي الشهادات الأجنبية. وتستمر المفاوضات بين الطلاب والحكومة، حيث يلعب مكتب أمين المظالم بالمملكة دور الوسيط. وفي حين وافق طلاب الصيدلة مؤخرًا على إنهاء مقاطعتهم بعد جهود الوساطة، إلا أن طلاب الطب لم يتوصلوا إلى اتفاق بعد.
وفي سياق متصل، أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار اليوم أنها ستتخذ إجراءات لإعادة العمل في كليتي الطب والصيدلة.
وتتضمن هذه الإجراءات إلغاء الدرجة “صفر” للطلاب الذين لم يجتازوا الامتحانات خلال فترة الإضراب واستبدالها بالدرجات التي حصلوا عليها في دورات الامتحانات الاستثنائية التي ستعقد قبل نهاية نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، كما أعلنت الوزارة عن خطط لمراجعة الإجراءات التأديبية المتخذة ضد طلاب الصيدلة فيما يتصل بأحداث الاحتجاج. مع استمرار تصاعد التوترات، يجد مجتمع التعليم الطبي في المغرب نفسه عند مفترق طرق – حيث يتصارع الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والمسؤولون الحكوميون مع القضايا المعقدة المحيطة بمستقبل التعليم الطبي في البلاد.