إن المشكل ليس في حراك الريف أو في اعتقال شخص أو حتى مئات الأشخاص أو تكمبم أفواههم، فالأمر أبعد من ذلك، قد يكون أهلنا بالريف يتزعمون حراكا شعبيا ساخنا، فرضته الظروف والطريقة المأساوية التي قتل بها المواطن “محسن فكري”، فكما أن الثورة التونسية خرجت في إرهاصاتها الأولى كاحتجاجات محلية على وفاة “البوعزيزي”، ثم اتسعت جغرافيا وزمانيا. فكذلك الوضع بالريف المغربي،لاسيما وأن النظام المغربي لا يريد تبني إصلاحات جذرية وجادة، والابتعاد عن منطق التسويق للشعارات التي لا وجود لها على أرض الواقع..
مجمل الجهات والأقاليم المغربية تعاني من نفس الاختلالات فالاستبداد والتفقير والتضييق على الحريات المدنية والسياسية، وتبني سياسات عمومية لا شعبية، كلها ظواهر عامة تشمل مجموع البلاد.. خسر المغرب التحدي قبل 6 سنوات، عندما تم التراجع عن ما تعهد به محمد السادس في خطابه ل 9 مارس2011. وعندما تم الانقلاب عن مطالب الشارع المغربي بعد حراك 20 فبراير 2011..
ما يعانيه المغرب اليوم سواء بشمال البلاد أو جنوبها أو وسطها..، هو نتاج طبيعي للاستبداد السياسي وزواج السلطة بالمال، فقضايا الفساد أصبحت جد متداولة ليس محليا فقط بل على المستوى الدولي، فتسريبات “ويكيليكس″”ووثائق بنما” التي أجابت عن سؤال “أين الثروة؟” واللائحة طويلة، كلها أمور أشعرت المواطن المغربي باليأس والإحباط لا سيما و أن الأحلام الوردية قد انكسرت على صخرة الواقع، فبشائر ووعود العهد الجديد والمفهوم الجديد للسلطة، لم تترجم إلى مؤشرات تنموية واقعية، يدرك المواطن العادي أثرها في حياته اليومية.
لطالما قلنا بأن السيطرة على شعب قاعدته الهرمية شابة، وعلى درجة من الوعي، ولها تطلعات استهلاكية تغذيها النزعة الفردانية ،سوف تقود إلى احتقان اجتماعي ومطالبات اقتصادية واجتماعية ومدنية/سياسية، تواكب ما هو متاح للمواطن الأوروبي والأسيوي والأمريكي.. فالشعوب انفتحت تطلعاتها على العالم الخارجي بينما، الأنظمة السياسة استمرت في أسلوبها القوروسطي..رافضة الانصياع لحركة التاريخ وموجة الدمقرطة التي اجتاحت مختلف بقاع العالم بينما وصلت إلى حدود العالم الأعرابي وتوقف وهجها…