في الدول التي تحكمها نظم ديمقراطية، تكون أول اهتمامات الحاكم حياة الشعب الذي يحكمه، فهو يحافظ على صحة مواطنيه ويمنع ويعالج الأمراض والأوبئة المختلفة ويشيد المستوصفات والمشافي المتنوعة والمتخصصة، وتهتم وزارة الشباب والرياضة بالشباب وتبني لهم الأندية الكثيرة والساحات المناسبة لممارسة الرياضة والأنشطة البدنية المتنوعة.
أما في الدول الاستبدادية وأشباه الدول، فالحاكم لا يولي صحة مواطنيه أي اهتمام، والتربية التعليم من أواخر اهتماماته، بل يكرس للجهل والأمية، وجل ميزانية الدولة تذهب إلى منظومة الأمن وحماية كرسي ذلك الحاكم بأمره.
ويا ليت الأمر توقف عند ذلك، بل يشيد تلال من جماجم شعبه، ويدعي أنه يحارب الإرهاب، وهو في الوقت نفسه، يكرس لتثبيت الإرهاب، لأن أي ديكتاتور يتغذى على وجود عدو وهمي مثل (الإرهاب) !
ولكي يستمر الديكتاتور في الحكم أطول وقت ممكن، فإنه يعطي الضوء الأخضر لأجهزة أمنه لقتل المعارضين وأشباه المعارضين وكل الأحرار وحتى الناس المسالمين، ولا يأْلوا جهدًا لزرع (دولة الخوف)، ويتجلى هذا الخوف بالإفراج عن بعض المعتقلين والمخفيين قسريًا لكي ينشروا بين أهليهم ومنْ حولهم ما حدث لهم من أهوال التعذيب، وما نشر أخبار تصفية وزارة الداخلية لبعض المعارضين إلا لزرع دولة الخوف في نفوس الشعب!
قول جاك روبير ” لن يكون من المبالغة الزعم بأن القوة السياسية الرئيسة في المغرب هي الملك ، فهو الذي يشكل ركيزة النظام الأساسية … و يشكل العنصر المحرك لنظام كل محدداته السياسية تشتغل قبل كل شيء بآرائه العميقة وتوجهاته … رغم ذلك لا يجب الاعتقاد بأن الحياة السياسية في المغرب مخلصة بين الملك و” شعبه الوفي” و لا يجب الاعتقاد بأن البلد يعطي مظهر دولة ثيقراطية شعبها خاضع عن قناعة لتوجهات ملكية “.
هكذا بدأ عبد الصمد عياش تحليله لما للنظام المغربي أو الملكية بالمغرب مشيرا في ذلك أن ما يقصده روبير هو أن الشعب و بكل بساطة قد يقوم يوما ما “بخرجة” غير مسبوقة ، وليس بالضرورة التحكم في كل مؤسسات البلاد يبني تلك العلاقة المتوازنة الجيدة بين الملك و الشعب ، وبرزت إلى السطح اللحظة في مبادرة 20 فبراير ، كل الأطروحات التي تدعو إلى إعطاء المؤسسة الملكية حجمها الطبيعي و تجميد أدوارها الاقتصادية والقضائية والاكتفاء بملكية برلمانية يغلب طابعها الرمزي طابعها السياسي التنفيذي بالمغرب .