خربشات يومية بنكهة مغربية : السخرية

خربشات يومية بنكهة مغربية : السخرية

خربشات يومية بنكهة مغربية : السخرية

مع تحيات : فريد بوكاس ، صحفي باحث و ناشط سياسي

صاحبه الصمت.. و جالسه السكون.. و فجأة و بلا استئذان مرت لحظات من سنوات مراهقته كشريط سينمائي أمام عينيه اللتين أظلمتا ، فجأة استرجاعا لذكريات كبلت عقله لسنوات خلت و حكمت تصرفاته لفترات مرت.. لولا أن هذه الحياة و إن وضعتك في حجرة مظلمة ، ظلامها و إن مكث طويلا لا يقيم ، إلا أنها تفتح لك نوافذ و إن صغر حجمها إلا أن نور الشمس يخترق زجاجها ليضيء الزوايا..

ترددت الكلمات في عقله.. كلمات لطالما وجهت له و من أجهله حتى صدقها و ترسخت في أعماق عقله منطو..لا بل معقد..غريب..لا بل مريض لا يتكلم..لا يجالس أحدا… دائم الصمت..أجاء من المريخ ؟

ربما.. لا بل أكيد..إذن..لا تلينوا له كلمة، و لاتلقوا له سمعا.. بل أذيقوه من مر الدواء.. لعله يأتيه بشفاء ، اقلبوها سخرية.. لعل النتيجة تكون سحرية .

شدوا الوثاق.. وضيقوا الخناق ، اصمتوا جميعا..ها هو يتكلم ، فلنستمع.. يُلقى السمع و العيون بالسخرية تشع. يتلعثم المسكين.. و إلى وحدته يشده الحنين..ما هكذا يحب و لا أنتظر أن يعامل.. و لا بهكذا طريقة يكسبون وده و يخرجونه من صمته ،  بل لا يزيدونه إلا يقينا أن وحدته خير له من جمع الساخرين هذا.. جمع يكفيه أن ير و يكتشف نقطة ضعفك ليحولها إلى ورقة رابحة في يده يلوح بها أمام ناظريك كلما خطر له أن يعلمك درسا(هذ افي ظنه).. لكن ما يرسخ في ذهنك سوى أن الحكمة لا تتأتى لأي كان..

استرجع ذكرياته..لا لحقد استوطن قلبه ، و لا لكره خالج مشاعره . ببساطة لأنه..سامح ، لاسامح .. لكنه لم ينس ، لاسامح.. لكن لا زال لسوء رد الفعل صدى في طيات ذكرياته المنسية ظاهريا و المحفورة في عمق عقله باطنا و عن سابق رغبة في تسجيل مواقف لا تمت للحكمة بصلة.. مواقف هي إلى الجهل أقرب منها إلى حكمة التصرف ، مواقف جعلته يقسم مقربيه إلى قسمين:
* هذا صاحب لحظة دردشة عادية..لا تعطه سرك، و لا تبح له بما في قلبك..لا يعرف النصح، بل أصلا لا يتقن فن السماع..أحكامه جاهزة و سوط كلماته لاذع.. مثقف متعلم لكن جهله مدقع..
* وهذا سريع البديهة لبيب..عقله بسيط، لكن فعله – في تحسيسك أنك سوي غير عليل – عظيم..لا بمظهر آخذ.. ولا على تصرف مرحلي حاكم..

و ما كانت إلا مرحلة عابرة.. سنوات ما هي إلا فترة مارة و كان لا بد لها أن تمر ، مرحلة بحق تزيل برقع تصنع الحكمة عن تصرفات الجاهلين ، مرحلة خرج منها بحكمة تردد: اسخروا مني اليوم.. أنفر منك غدا

About The Author

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *