النظام المغربي و بقايا تلامذة عبد الله بن سبأ
فريد بوكاس ، صحفي باحث وناشط سياسي
عندما بدأ الشعب المغربي بالتحرك إسوة بالعرب الثائرين، تذكر النظام المغربي بأن دستوره يحتاج إلى ترميم وإصلاح وهذا ما قام به للضحك على ذقون الشعب المغربي المنتفض، ورأينا كيف باركت بعض دول أوروبا هذا الإصلاح ! بالأحرى أمريكا والدول الغربية…
نعم هم من أجروا هذا الإصلاح وأعلنوه على لسان بوق المخزن، لأن هذا النظام بالذات لا خلق له بالسياسة بل هو ضائع ما جعله أن يختار اللذة والمجون على السلطة ، وكان هذا الموقف حتى في ما يسمى بالعهد القديم مما أحدث العديد من الخلافات بين النظامين ( العهد القديم والعهد الجديد).
وعندما توفي العهد القديم دفع للعرش دفعا وظل حتى يومنا هذا أشبه بنظام صوري بكل ما تعنيه الكلمة، ولعله يقول الآن للشعب المغربي في زمن الثورات هكذا ” جئت منكم”، ولكن ليس سهلا عليه هذا، فلا أمريكا ولا الغرب يتخيل كيف سيكون المغرب دون النظام القائم الذي قدم لهم ما لم يقدمه نظام في تاريخهم كله على الإطلاق.
فمن هو النظام المغربي؟
بإختصار شديد هو من بقايا تلامذة عبد الله بن سبأ الذين أعلنوا أغبى ثورة في التاريخ على الخلافة العباسية وهي في أوج قوتها، وشقوا عصا الطاعة على الخليفة وعينوا من بينهم خليفة في مكة المكرمة، مما حدا بالدولة العباسية محاربتهم في موقعة فخ وأبادتهم وهرب من تبقى حيا منهم إلى المغرب حيث بدؤوا بنشر دعوتهم بين غير العرب في البداية، حيث استطاعوا تأسيس قاعدة لهم هناك عبر الترغيب والترهيب والإغتيالات والإعتماد على أعداء المسلمين كالبرتغاليين والإسبان وفيما بعد الفرنسيين و أمريكا في الوقت الحالي.
لقد كان هذا النظام أشبه ما يكون كهدية نزلت على أوروبا من السماء بعد ما ذاقوه على يد أهل المغرب خاصة بعد فتح الأندلس ومن ثم تهديد معظم دول الغرب حيث كانت جل هذه الجيوش التي أرعبت أوروبا من المغرب الكبير، ولكن أستطاع النظام المغربي السيطرة على الشعب قدر الإستطاع وأدوا جميلا للغرب لا يثمن بثمن.
ففي عام 2007 تقدمت الحكومة المغربية لإسرائيل بطلب سري طلبت فيه أن يوضع إسم الملك محمد الخامس من ضمن لائحة المكرمين بأرفع وسام يهودي وهو الوسام الذي يمنحه اليهود لغير اليهود الذين أنقذوا يهودا من مذابح النازيين وجازفوا بحياتهم في سبيل ذلك، ولم ينكر الإسرائليون في ردهم على الحكومة المغربية أن الملك محمد الخامس قد ساعد اليهود في تلك الفترة لكنهم غير متأكدين من أنه قد جازف بحياته في سبيل ذلك!.
عندما جض الشعب المغربي من الملك محمد الخامس، سارع النائب العام الفرنسي في المغرب إبان فترة الاستعمار العسكري ، بصناعة بطل منه وقام بنفيه لمدة عام ونصف خارج المغرب عام 1954 وذلك خوفا من انفجار الشعب المغربي وحصول ما لم يحمد عقباه لفرنسا والتي كان جيشها مشغولا في عدة جبهات آنذاك ، وحتى الحكومة الفرنسية عارضت فكرة نائبها العام الفرنسي في المغرب وقامت بفصله من منصبه ووضع بديل عنه بسبب هذا النفي لحاجتهم الضرورية للملك في ذلك الوقت، فأعيد وبإصرار أيضا من فرنسا التي تضررت بسبب هذا النفي المزعوم.
فلم يعرف التاريخ العربي الحديث إجراما بشعا وهمجيا كالإجرام الذي أرتكبه النظام المغربي في عهد محمد الخامس وولي عهده الحسن الثاني ومحمد أوفقير في طريقة تعاملهم مع ثورة الريف في عام 1958 و1959، حين ثار أهل الريف على الظلم والفقر وتهميشهم من قبل الحكومة المغربية، فأرسل الملك محمد الخامس إبنه وولي عهده الحسن الثاني وأوفقير ومجموعة من الضباط الفرنسيين على رأس ما يقرب من 28 ألف جندي مغربي، يرتكبوا من الجرائم ما لا يمكن تصوره .
قد استخدموا الأسلحة المحرمة دوليا والغازات السامة لإبادة الثوار بالريف، وكان الحسن الثاني يشارك بإطلاق النار من مدفع رشاش على متن طائرة هليكوبتر رفقة أوفقير… قتلوا أكثر من 8 آلاف من أبناء الريف، دفن أكثرهم في مقابر جماعية، وكان الجيش يغتصب النساء ومن ثم يبقرون بطونهن، و حتى الأطفال الرضع تم قتلهم بدم بارد ! بل أن بعض الأطفال كانوا يقتلون عن طريق دوسهم بحوافر الخيول، وكان أوفقير يضع القنابل في ثياب أهل الريف ثم يطلب منهم أن يتسابقوا لتنفجر بهم بعد عدة أمتار، بل وصل بأوفقير أن قام بذبح أبناء الريف كما تذبح الخرفان تحت أقدام الحسن الثاني .
والأكثر من ذلك وضعوا الألوف على طائرات ومن ثم تم قذفهم منها وهم أحياء ، وسميت هذه العملية بإسم “الممسحة” والتي ارتكبت وفقا ” لتقاليد النظام المغربي “! . وقد ظلت منطقة الريف المنكوبة منطقة عسكرية حتى يومنا هذا .كما ارتكب الحسن الثاني مجزرة في حق المضربين عن العمل عام 1971 قدرت منظمة العفو الدولية ضحاياها بأكثر من 1000 شهيد ، وحتما وفق تقاليد النظام المغربي المخزني! وغير ذلك من الجرائم التي ارتكبت في حق الشعب المغربي من قبل هذا النظام كانتفاظة الدار البيضاء سنة 1981.
وعندما قرر الملك الحسن الثاني إنشاء الساتر الترابي لحماية حدود المغرب من جبهة البوليساريو على نسق خط “بارليف” الإسرائيلي عام 1980 ، لم يجد سوى إسرائيل لتقوم ببناء هذا الساتر والذي كلف بليون دولار دفعها النظام السعودي بالنيابة عن النظام المغربي، وذلك كرد جميل لما قدمه المغرب في إنجاح مفاوضات السلام بين مصر وإسرائيل المشهورة بكامب ديفد، والتي بدأت أول إجتماعاتها في الرباط عام 1977.
في عامي 1977 و1978 مول النظام السعودي إرسال ألوف الجنود المغاربة إلى الكونجو (زائير) من أجل إنقاذ رئيسها موبوتو عميل المخابرات الأمريكية وأحد أشهر السفاحين والفاسدين على مدى التاريخ وجزار المسلمين في الكونجو وناهبهم، وذلك عندما حدثت الإضطرابات ضده، أول دفعة كانت عبارة عن 1500 جندي مغربي شحنتهم الطائرات الفرنسية إلى الكونجو واستخسرت فيما بعد إعادة المئات من جثامينهم إلى بلدهم ، وكل ما يهم أن تصل عدة ملايين من الدولارات من المال السعودي لحسابات الحسن الثاني السرية في سويسرا.
والأهم من هذا أن يرسم الأمير فهد بن عبد العزيز(أدار هذا الملف في عهد أخيه الملك خالد) أن يرسم البسمة على وجوه أساطين الحكومة الأمريكية وشياطين مخابراتها، أما أسر الضحايا من الجنود المغاربة التي قد تكون تسولت بعدهم فلم يسأل عنهم أحد، بل ربما تسرب أطفالهم وصاروا من ضمن الأطفال الذين تعج بهم قصور آل سعود في المغرب ليمارس معهم كل أساليب الشذوذ والمجون وبحماية من النظام المغربي، هل عرفتم الآن لماذا كان النظام السعودي يريد ضم المغرب لمجلس التعاون الخليجي؟
أما ما نتج عنه من فساد وسياسة النظام المغربي فقد أدى إلى أن يكون أكثر من نصف الشعب المغربي يعيش فقرا مدقعا، وقد تحدثت وثائق “ويكيليكس” عن فساد مستشر على مستوى عال ونطاق واسع من قبل النظام المغربي ؛ ما يقرب من تسعة ملايين دولارا تصرف كرواتب شهرية لموظفي القصر، مائة وستون ألف دولارتصرف شهريا على صيانة سيارات القصر، ستة وثمانون ألف دولار تصرف شهريا لعلف حيوانات القصر… القصر، القصر، القصر…؛ قارن ذلك بمتوسط دخل الفرد في المغرب والذي وصل إلى ألف وخمسمائة دولارا سنويا، أما ما تتكلفه الخزينة المغربية للملك بشكل عام سنويا فيصل إلى ثلاثمائة وثلاثة وخمسين مليون دولارا، ثمانية عشر مرة أكثر مما تكلفه الملكة إليزابيث للخزينة البريطانية!.
يلقبون أنفسهم بإسماء كبيرة ك”أمير المؤمنين” و”الخليفة السلطاني” ويحيطون أنفسهم بقدسية وهالة وهم بعيدون عنها كل البعد، ويجبرون أبناء المغرب على الركوع لهم وتقبيل أياديهم حتى أن من يرفض هذه العادة القبيحة يتعرض لإذلال وعقاب بسبب ذلك وكأنهم بهم يخدعون المغاربة بهذه المظاهر ، كما أنهم يخبؤون خلفها حقيقتهم التي لا يعلمها إلا الله.