المغرب: النظام بين الديكاتورية و الاعتقالات السياسية
فريد بوكاس ، صحفي باحث و ناشط سياسي.
لا يجد النظام الديكتاتوري في المغرب إمكانية أخرى للتعامل مع المعارضين سوى استعمال الاعتقال السياسي ، كحل لتطهير الساحة السياسية من المختلفين مع توجهه الذي يتبناه في تسيير أمور الوطن. بل يتحول الإعتقال السياسي لديه إلى ضرورة بالمفهوم الفلسفية، فلا يجد بدا من استعمال هذه الوسيلة لتجاوز أية أزمة يُحدثها عدم التفاهم ، الذي يتبدى بوضوح انطلاقا من الاحتجاجات والتظاهرات ، التي تُنظمها الجهات المعارضة لهذا النظام المسلط على الشعب المغربي.
إن غياب العقل التواصلي في الدولة المغربية ، يجعل للاعتقال السياسي ، قيمة بنائية للمُكون السياسي الذي تُسير به أمور الوطن ، فيصبح بذلك أمرا مقبولا ومشروعا باسم الحفاظ على الأمن .
إن النظام الديكتاتوري لا يستطيع فتح حوار يستوعب جميع الأطياف المتعارضة والمُختلفة معه ، للتواصل بينه وبينهم بالأدلة العقلية والمنطقية من أجل الوصول إلى الحل العقلي ، الأكثر مقبولية ، منطقيا . فلماذا لا يستطيع ذلك ؟
بكل بساطة لأن الأسس التي بُني عليها النظام الديكتاتوري هي أسس غير عقلية ، لا يمكنها أن تصمد أمام الأدلة المنطقية التي يُمكن أن يُقدمها المعارضون ، لهذا تتفادى أي حوار وأي نقاش يتبنى السياق العقلي في أدلته السياسية .
بالفعل ، لا يستطيع النظام الديكتاتوري أن يصمد أمام البناء العقلاني ، ولا يستطيع استعمال هذا البناء لتبرير أفعاله ، وإنما يعمل باسمه حتى يظهر بلباس النظام الدموقراطي النجيب في تكريس الديموقراطية في نظامه ، من أجل الحفاظ على سمعته داخل المحافل الدولية
كما يقوم النظام الديكتاتوري على القوة ، فعتمدها كحق شرعي باسم الأمن ، وتقديم الجماعة على الفرد ، رغم أن الجماعة التي يقصدها ، هي الجزء المستفيد فقط من الريع السياسي و الاقتصادي ، من هذا النظام ، وليس جل الأطياف من الشعب المغربي المطحون ..
كما يعمل النظام الديكتاتوري بكل الوسائل والأساليب على زراعة الخوف في نفوس مواطنيه لضمان عدم قيامهم بأي تحرك ضدها ، الأمر الذي يسهم بخضوعهم لكل أوامرها مهما كانت مجحفة بحقهم خوفا من أي عقاب قد يطالهم منها .. فهل يعتبر الخضوع للأنظمة المستبدة شكل من أشكال الخنوع ؟ وما الفرق بين الخنوع والخضوع ؟ هل هناك تلازم بينهما ؟
كما أن واقع الفساد والاستبداد يكبلان مسارات التغيير بالمغرب ، ويعرقلان الطموحات الشعبية نحو تنمية شاملة وكرامة إنسانية وحرية حقيقية وعدالة منصفة.
كما تميز القبضة الملكية على مجمل مفاصل السياسة ، حيث أصبح يزاحمه أيضا سؤال فاعلية هذه المؤسسة التي وضعت في يدها كافة الصلاحيات الدستورية والسياسية وكل الممكنات المادية والمالية .
و علينا أن لا ننسى بأن المؤسسة الملكية في المغرب تحتكر جل السلطات ، إضافة لجوهر الطبيعة الاستبدادية لنظام الحكم ، والمتمثلة في استفراد حاكم فرد غير منتخب بالسلطة ، إلى جانب حاشيته ومستشاريه ، دون إمكانية أية مساءلة أو محاسبة ، مقابل منتخبين يوضعون في الواجهة دون قدرة حقيقية على ممارسة السلطة …