المغرب: من السجن الأصغر إلى السجن الأكبر.
فريد بوكاس ، صحفي باحث وناشط سياسي
إن الثروة المتحركة للملك الحسن الثاني بلغت خلال التسعينات أكثر من عشرة مليارات فرنك فرنسي، موزعة بين عشرات البنوك الفرنسية والسويسرية و الأمريكية، إلى جانب أكثر من عشرين قصرا والعديد من الضيعات الزراعية، التي تمت مصادرتها من المعمرين الفرنسيين الذين استولوا عليها من الفلاحين المغاربة، إلى جانب حصة كبرى في مجموعة “أونا” أومنيوم شمال إفريقيا والعديد من العقارات العالية الثمن والموزعة بين نيويورك وباريس وبعض عواصم أمريكا الجنوبية، مع حصص مهمة في بعض المحافظات الاستثمارية وأسهم ذات مردودية في بورصة باريس و نيويورك”…
الحسن الثاني كان يملك “سماك” التابعة لأونا، و المالك الفعلي للأراضي المنجمية والفلاحية التي تحقق أكثر المداخيل من العملة الصعبة… ولم يسبق أن ظهر إسم الحسن الثاني أو العائلة العلوية الحاكمة في أي ترتيب ضمن مالكي الثروات في العالم، باستثناء السلم الشهير التي تضعه أشهر المجلات الأمريكية المتخصصة “فوربس”، حيث سبق لـ “مالكوم فوربس” صديق الحسن الثاني الذي تلقى عدة هدايا منه بمناسبة أغلب أعياد الميلاد التي قضاها بإقامته بطنجة، وكانت الممثلة الأمريكية إليزابيت طايلور ضيفة الشرف في أغلبها، سبق له أن قدر ثروة وريث محمد الخامس بما قيمته ما بين أربعة وخمسة ملايير دولار، وهو التقدير الذي ظلت تتناقله الصحف الأجنبية كمرجع أساسي إلى يومنا هذا ، في وقت لم تكن تجرؤ الصحف المغربية على مجرد إثارتها.
لكن اللص المغامر هشام المنداري الذي ادعى أن دماء علوية تجري في عروقه، عرف كيف يتسلل إلى الخزينة الخاصة للملك المقبور – كعاشق – عبر أحد عشيقات الحسن الثاني ويحمل معه وثائق على قدر كبير من السرية وما يكفي من الشيكات برع في صرفها ببعض البنوك الباريسية والسويسرية، مستغلا العملية الجراحية التي أجريت للحسن الثاني ، وظهور علامات المرض عليه ودخوله في غيبوبة بين الفينة و الأخرى، مثل ما قام به منير الماجيدي في قصر أكادير، أو ما كان يعرف بقضية الكولونيل الهيلالي وبلاط مراكش، التي باتت تختزل مأساة في حجم إسم شهيد كؤوس البلار الزبيري الذي فارق الحياة بكوميسارية جامع الفنا، فما كانت أبواب القصور لتفتح، بما تحمله من خزائن خاصة و سرية، لو لم ينشر هشام المنذاري رسالته الشهيرة على صفحات واشنطن بوست، حيث سمح لنفسه على الأعمدة الأمريكية الذائعة الانتشار بأن يهدد ملكا كان المغاربة من خوفهم من مجرد ذكر اسمه يلقبونه بالمعلم، وما كان المغاربة ليطلعوا على بعض من كؤوس البلار العلوية و صحون الكافيار التي تحمل علامة “H2″، لو لم يفتح ملف سرقة القصور الملكية.
لكن، رغم كل المحاولات الرسمية كي تظل الثروة الملكية مجالا محروسا، سلطت الصحافة المستقلة في السنوات الأخيرة الكثير من الأضواء على المساهمة المعتبرة للأسرة المالكة في المجموعة المالية العملاقة “أونا”، الدرع الاقتصادي القوي للملك و القصر التي لم يعد سرا إنها ارتفعت من 13 بالمائة عبر شركة “سيجر” على عهد الحسن الثاني إلى 33 بالمائة مع شركة “إيرجيس” بمملكة محمد السادس. تتدخل في أغلب القطاعات الاقتصادية و الإستراتيجية كالصناعات الغذائية الأساسية والقطاع المنجمي والقطاع المالي و التأمينات والتوزيع، وقد تجاوز رقم معاملاتها 22.7 مليار درهم، حسب أرقام سنة 2004.
يكفي أن تقصد أقرب دكان للتبضع، من المؤكد أن فطورك الصباحي لا يخلو من مواد حليبية تتربع على عرش المواد المنافسة منذ أن ألغت وزارة المالية الإعفاء الجبائي على التعاونيات الصغيرة، التي يمكن أن تكون قد حلمت في يوم من الأيام بدخول غمار المنافسة مع “سنترال ليتيير”، وحتى إذا لم تكن قدراتك الشرائية تسمح لك بذلك، فعلى الأقل السكر الذي تضعه في كوب الشاي اليومي، مصدره شركة كوسيمار التي لم يعد سرا أن خصخصة صناعة الشاي الوطنية تمت لفائدتها، من الطبيعي ألا يخلو طعامك من زيت “لوسيور” التي يرجع الفضل للمجلس الوطني للمنافسة لوقف حد للحرب التي كانت قد اندلعت بين “الزيت الملكية” و الزيوت السعودية، وقد استفاق من سباته العميق كي يتدخل لفائدة المنتوج الملكي العلوي مرة أخرى.
حتى أكبر شركات التوزيع التي تقتني منها المواد الغذائية كما عليه الحال بالنسبة لمرجان أو أسيما، التي لا تجد صعوبة للحصول على أراضي من الدولة عكس منافسيها، فليست إلا إحدى فروع الهولدينغ الملكي.
ما قد لا تعرفه أيضا أن القرض الذي يمكن أن يمنحك إياه البنك التجاري وفا، أقوى المؤسسات المالية بالمملكة، ليس إلا جزءا من الهولدينغ الملكي، لم يتطلب إلا تقريب سعد الكتاني، ممثل مالكي مجموعة وفا بنك حينئذ من أضواء البلاط وتكليفه بملف تنظيم كأس العالم، كي يوقع على بيع مجموعة وفا ودمجها في البنك التجاري المغربي الملكي.
ولنفترض أنك لست كذلك، فكن على يقين بأن البناية التي تستظل تحت سقفها كانت في حاجة لبنائها إلى مواد أساسية، وفي مقدمتها الإسمنت، ومصدرها “لافارج”، ثم الحديد وعمودها الفقري “صوناصيد”، وكلاهما مؤسستين محوريتين في الهولدينغ الملكي “أونا”، التي تحقق رقم معاملات يمثل – حسب مصادر مطلعة- ثمانية بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي بالمغرب، وتقدم في الأوساط المالية المقربة من البلاط على أنها القاطرة الاقتصادية لمواجهة تحديات العولمة، وكلما ضيقت شهية الهولدينغ الملكي على بعض من رجال الأعمال، وحاول بعضهم التوسل بعبارات من قبيل “الاحتكار لن يخدم الهولدينغ الملكي في شيء، وقد يهدد مصالحه الاقتصادية والسياسية على حد سواء” إلا ويصطدم برجالات الماجيدي.
الأقطاب المالية و المنتوجات التي تعتبر سيدة السوق بالهولدينغ الملكي طويلة، وليس من السهل فك كل خيوطها.
تساهم سيجر بشكل مباشر في “أونا” الملكية بنسبة 5 بالمائة، لكن مساهمة سيجر في نفس الآن في الشركة الوطنية للاستثمار بنسبة الأغلبية حيث تملك 67 بالمائة من أسهمها، وامتلاك الشركة الوطنية للاستثمار لـ 33 بالمائة من أسهم أونا، يؤكد أن القابضة الملكية تتحكم في دواليب الأسهم السيادية وفي عصب الاقتصاد الوطني.
للأسرة الملكية أيضا شركات خاصة لا يتسرب ما يكشف عن خباياها، من “بريماريوس” للأثاث إلى “إلكترا” للتجهيزات المنزلية و “سيمانس” و اللائحة طويلة، بما في ذلك شركة “سيفام” التي كان قد بلغ رأسمالها سنة 2002 أربعمائة مليون درهم حسب ما أوردته مجلة “إيكونومي إي أونتروبريز” في غلافها المنشور في يونيو 2002 تحت عنوان ” الثروة الملكية”.
هناك أيضا أجود الضيعات الفلاحية التي استرجعت من المعمرين في الخمسينات، و ما يربو عن عشرين إقامة ملكية و قصر و هي في الحقيقة ينبغي إعتبارها بنايات عمومية تابعة للدولة لأنها شيدت وجهزت بنفقات و ميزانية الدولة.
لا يتعلق الأمر بقصور داخل المملكة فحسب، ثمة أيضا الإقامات الملكية الفخمة بمختلف الدول العربية و الأجنبية والتي لا تقدر بثمن، “لارمانريلي” مثلا وقد اقتناه الحسن الثاني في الثمانينات من عائلة “روتشلد” اليهودية وهو القصر الذي أسال الكثير من المداد بالصحافة الأجنبية، وفي مقدمتها يوميتي “لوموند” و “لوكانار أونشيني”.
ببرنستون، نيودلهي، كاليفورنيا، نيويورك، موناكو عمارات شاهقة و آلاف الهكتارات من الغابات بالبرازيل وحسابات بنكية و أسهم في شركات أجنبية و عشرات الاستثمارات…
مثلما أسالت القابضة الملكية التي تستمد السلطة السياسية من الملك الكثير من المداد في الفترة الأخيرة، لاسيما وقد تسرب جزء من الصراع بين نائب الملك في المال و الأعمال ونائبه السابق في الأمن والسياسة على النفوذ الاقتصادي، في الكثير من المناسبات إلى الصحافة، كذلك حظيت الميزانية السنوية للبلاط باهتمام و تتبع إعلامي.
جرت العادة أن يصادق على ميزانية تسيير القصر في البرلمان في إطار القوائم المدنية – دون مناقشة وبالإجماع – وهي الميزانية التي ترتفع كلفتها سنة بعد أخرى، حسب احتياجات الملك ومخصصات السيادة أولا و تبعا لمتطلبات أفراد الأسرة الملكية ومعداتها ونفقاتها المختلفة، بالإضافة إلى الموظفين والأعوان، حيث ارتفع هذا الرقم انطلاقا من سنة 1999 بنسبة 41 بالمائة، هذا في الوقت الذي كان قد انخفض فيه بنسبة 21 بالمائة بين السنوات المالية 98-99 و 2000، وسرعان ما سجل ارتفاعا بنسبة 37 بالمائة في السنوات الفاصلة بين 2001 و 2006، وهي الكلفة السنوية للملكية التي بلغت سنة 2007، 2.69 مليار درهم، وتتوزع إلى قسمين، الأول تحت خانة “جلالة الملك”، وتضم كلا من القوائم المدنية وتعني أجر الملك و أجور أخيه رشيد و أخواته و باقي الأمراء و الأميرات من عماته، ثم مخصصات السيادة في مقدمتها مؤسسة محمد الخامس، بالإضافة إلى اللجان الملكية المتعددة، ثم خانة البلاط الملكي، وتضم أجور الموظفين والأعوان التابعين للقصور والإقامات الملكية، بالإضافة إلى المعدات والنفقات المختلفة التي تدخل فيها عمليات صيانة القصور والتنقلات المرتبطة بمهام الملك، بالإضافة إلى الحفلات والدعوات الرسمية…
هذا الإستنزاف الفظيع لثروات الشعب لتمويل مجموعة من المستنفعين تحت غياب تفاصيل دقيقة عن أرقام إجمالية لا تخضع للنقاش، لا أحد يعرف بكم يقدر الأجر الشهري الحيقي للملك رغم بعض الإشاعات التي تفيد أن أجره 40 ألف دولار، لأن هذا النوع من التفاصيل لا يجرؤ البرلمانيون على مجرد الهمس به، و يبقى سرا فرعيا ضمن أسرار رئيسية في ميزانية البلاط دائما.
وحده محمد منير الماجيدي، مدير الكتابة الخاصة للملك، بعد عبد الفتاح فرج رجل ثقة الملك الراحل، يعرفان جزءا من الحجم الحقيقي لثروة الملك وخبايا كلفتها اليومية، ومن المؤكد أنه لم يمنح مجلة “فوربس” الأمريكية- حتى عندما كان مغضوبا عليه بجزر الباهماس – أيا من ألغازها، وحسب مصدر جد موثوق أن ثروة محمد السادس وحده تفوق 40 مليار دولار أمريكي.
البلاط الملكي ومافيا العقار:
إن الهولدينغ الأميري الذي لم تتطرق إليه وسائل الإعلام عكس الهولدينغ الملكي، ارتأينا أن نتحدث في هذا الموضوع ليعرف المغاربة من هم مافيا العقار التي تهدم فوق رؤوسهم منازلهم بحماية رجال الأمن الملكي وليس الوطني.
إن ما يسمى بالأمراء دخلوا إلى مجال المال والأعمال بين سنتي 2004 و2007، حيث أن رشيد أنشأ “بروفيدونس هولندينغ” سنة 2004، وأن الهولدينغ مسجل في السجل التجاري لمدينة الرباط باسم “رشيد بن الحسن العلوي”، وكانت آخر الشركات التي أنشأها ضمن الهولدينغ الخاص به سنة 2010 ، وتتخصص الشركة في مجال الترويج العقاري.
ثلاث سنوات بعد خلق الهولدينغ الخاص بالمدعو الأمير رشيد ، أنشأت المدعوة الأميرة حسناء هولدينغ خاص بها باسم “سطار هولدينغ”، أي سنة 2007 بالدار البيضاء. ويشمل الهولندينغ 3 شركات وهي، “هولدسطار وباوبروم وباو للتنمية”. وتركز الشركات الثلاث على مجال العقار. وقد أنشأت شركة “باو للتنمية” سنة 2011 برأسمال 100 ألف درهم، وهي المكلفة بتجهيز المجمع الاقتصادي بمنطقة عين السبع “مجمع عكاشة”.
الهولدينغ الخاص بالمدعوة الأميرة مريم تم إنشائه سنة 2006 باسم “اوني هولدينغ”، ويضم ثلاث شركات للعقار و33 بالمائة من “مجمع عكاشة” و33.33 بالمائة من “باوبروم” . أما إسم الهولدينغ الخاص بالمدعوة الأميرة أسماء هو “يانو بارتيسيباسيون”، الذي أنشئ سنة 2006 وهو أيضا متخصص في مجال العقار. ويضم الهولدينغ بالإضافة إلى 3 شركات أخرى، 33 بالمائة من “مجمع عكاشة” و33.33 بالمائة من “باوبروم”.
من منجزات الديكتاتور محمد السادس سنة 2017 والمراتب التي يحتلها المغرب عالميا :
* المرتبة 54 في المؤشر العالمي لقوة الجيوش
* المرتبة 72 في مؤشر الابتكار العالمي
* المرتبة 104 في مؤشر جودة التعليم الجامعي
* المرتبة 133 عالميا في المؤشر العالمي لحرية الصحافة
* المرتبة 77 في المؤشر العالمي لجودة التربية والتعليم الإبتدائي
* المرتبة 104 في المؤشر العالمي لجودة التعليم الإعدادي
* المرتبة 43 عالميا في الجريمة
* عدد المعتقلين السياسيين فاق 1.500 معتقل
* بناء أكبر سجن على الصعيد الإفريقي بمدينة الناظور في انتظار بناء ما يزيد عن 70 سجنا آخر إلى غاية 2020
* هجرة ما يزيد عن 10.000 مغربي نحو إسبانيا
* هدم البيوت على رؤوس الفقراء من طرف شركات الأمراء
* قتل كل من حاول الفرار من بطش وجبروت الديكتاتور وآخرهم كانت الشهيدة حياة بلقاسم،
* تحويل ما يزيد عن 10 مليار دولار إلى الدول الإفريقية
* شراء قصر باليونان بمبلغ 4 مليون دولار
* شراء قصر بالولايات المتحدة الأمريكية بمبلغ 14 مليون دولار
* شراء طائرة للقلش -ولي العهد- بمبلغ 67 مليون دولار
* شراء ساعة يدوية من طرف محمد السادس بمبلغ 1.200.000 دولار
* عدد الجياع في المغرب وصل 1.400.000 جائع
* عدد العاطلين عن العمل يفوق 10 مليون عاطل
* ما يزيد عن 250.000 مومس ، 20.000 فقط منهن في مراكش.