المغرب: المؤسسة الملكية الديكتاتورية ومحيطها الفاسد
بقلم: فريد بوكاس ، صحفي باحث و ناشط سياسي
قد أخطأت الدولة المغربية ، وخاصة المؤسسة الملكية الديكتاتورية ومحيطها الفاسد ، وكذلك المحكومات المتتالية الطريق الصحيح نحو التنمية ، فاعتبرت واختصرت التنمية في القطار السريع، وأطول بناية في افريقيا، وأول جسر معلق في القارة الافريقية، وأهم مهرجان غنائي «موازين» في القارة الافريقية، وفي مظاهر أخرى تعد من الرفاهيات الإضافية للكثير من الدول الأخرى ، بعدما تكون قد ضمنت هذه الدول لمواطنيها العيش الكريم.
وتصور الدولة المغربية خاطئ وفضفاض، لأن الأمم لا تتقدم بالمنافسة في البنيان، بل تتقدم بمدى تجذّر المعرفة في صفوف شعوبها، فالمعرفة هي الجسر نحو تشييد الصحة والتعليم والشغل والرفاهية.
ومما فاقم الخطيئة هو التسامح مع الفساد الذي نخر البلاد وبالطبع هذا التسامح جاء بأمر من أعلى سلطة في البلاد لتورطها في مستنقع النهب للخيرات ، وأتى على ممتلكات الشعب المغربي، في ظل موقف غريب من طرف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية والقضائية، التي لا تحرك ساكنا بشأن متابعة الفاسدين، لاسيما في الخارج.
ويبقى أكثر من مواطن مدهوشا أمام الثنائية الغريبة: الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، تحظى باعتراف الدول في محاربة الإرهاب، لكنها لا تحظى باعتراف الشعب في محاربة الفساد.
والآن وبعدما وقفت الدولة على منهجها الخاطئ، تحاول من خلال تعيين لجنة خاصة بالتنمية البحث عن نموذج تنموي ينقذ القطاعات الاستراتيجية من الانهيار، ويحاول إعادة التنمية الى نموها. لكن كالعادة، تصور الدولة يبقى محدودا، فقد كانت أصوات كثيرة خلال الماضي، تحذّر من الوضع الذي قد نصل إليه، وها هي الدولة تعين في اللجنة أعضاء من الذين كانوا يستعملون الفوتوشوب لتزيين الواقع وتقصي الآخرين.
الدولة المغربية تبقى قاصرة عن فهم التنمية، والمصلحة العليا للأمة المغربية، فهي تتصرف بمنطق الدولة التي تمثل جزءا من الساكنة دون الباقي، وتتصرف مثل حزب سياسي، وتنسى أنها تمثل المصالح العليا للشعب المغربي، إذ أن الأمة تتجاوز الملكية والحكومة وباقي الهيئات، فهي كيان شامل لكل الحساسيات السياسية والإثنية والدينية، لكن هذا لا تؤمن به الدولة المغربية في الوقت الراهن بل تؤمن بالعكس.
يحز في نفس كل مغربي غيور على وطنه، ليس تلك الغيرة الرخيصة، بل الحقيقية التي لا تقبل الزيف والمهادنة مع الواقع المر، وهو يرى المركز غير المشرف الذي يحتله المغرب في سلم التنمية البشرية.
والواقع أن هذه المرتبة غير المشرفة تحتلها الدولة المغربية بسبب سوء التسيير وعدم محاربة الفساد، ولا يحتلها الشعب المغربي نهائيا. المغرب هو الدولة والشعب، وتصرفات الأولى ليس بالضرورة تعكس مصالح الثاني أي الشعب.