المغرب: فساد يحمي الديكتاتورية و ديكتاتورية تحمي الفساد …
فريد بوكاس ، صحفي باحث و ناشط سياسي
كثيرون هم من يعتقدون أن الملك بعيدا عن الحكم و السلطة ، و من يحكم هم عصابة متفرعة إلى عدة فروع و لكل فرع سيطرته و قوته . قد يخطأ من يفكر بهذا التفكير البعيد عما يجري في دهاليز الحكم في المغرب ، حيث أن النظام لا ينحصر في الملك و ولي العهد و شقيق الملك و إخوته ، و إنما النظام يتكون من مجموعات تنتمي إلى الأسرة العلوية مثل أبناء أخوات الملك و أبناء عمه و أبناء أعمام أبيه و هكذا ما نزلوا ، و لكل مجموعة تأثيرها السياسي و اتخذاذ القرارات ، و لا أتحدث هنا عن البنية السرية ، فهذه الأخيرة ما هي إلا أداة التنفيذ ، فعلى سبيل المثال زعيم هذه البنية فؤاد الحمة أو الهمة ، ما هو إلا خديم إسكوبار المغرب مريم . و هناك من يخدم لصالح حسناء و الآخر لأسماء و هكذا … لكن زعيم كل هاته المجموعات يتزعمها الملك شخصيا . قد يعتقد البعض أن المرض الذي أنهكه ، أبعده عن الحكم ، بل العكس ، المرض زاده تشبثا بالسلطة حتى لا تنهار الملكية في المغرب .
إن الهوة بين الحاكم والمحكوم هي من أهم سمات الحكم في جميع مغربنا ، ولا يضاهيها وضوحا وانتشارا سوى آفة الفساد . والفساد السياسي ليس فقط انحرافا عن طاعة القوانين والأعراف والقواعد الخلقية ، لكنه يتجلى أكثر ما يتجلى في التلاعب بالقوانين ومؤسسات الدولة من قبل النظام الحاكم لبلوغ أهداف شخصية. فالفساد السياسي هو انحراف عن القيم العقلانية والقانونية ومبادئ الدولة الحديثة ، وهو لا يؤثر فقط في توزيع الموارد ، وإنما في كيفية اتخاذ القرارات والتلاعب بالمؤسسات والقوانين في الدولة ، ما يؤدي إلى انحلالها وبطلان مفاعيلها …
عادي جدا أن تجد الفساد في إدارة معينة ، أو في مجلس منتخب ، لكن الغير العادي أن تجده في وزارة أو في وزير ، أو في القصر الملكي أو في محكمة ، آنداك تضع يدك على قلبك من أجل مصير وطنك ، لأن فساد الموظف سواء أكان وكيل ملك أو قاضي أو منتخب أو ملك ، يصبح فقط جزء من منظومة فاسدة تراكم الثروة ، وتخرس كل الأفواه والأقلام ، يا إما بشراء الذمم أو بالضغط عبر المتابعات القضائية ، لكي يتم فتح الطريق على مصراعيه للفساد لكي يتحرك أكثر ، وينهي مملكة محمد السادس مثل نهاية بنعلي والقذافي و …
عندما تقاوم الفساد لدى مواطنين ( مسؤولين جهويين- مديرين مركزيين.رجال أعمال..) فإنها مقاومة مجتمعية ميسرة نسبيا بالقوانين و الأليات المتاحة حاليا ، ولكن عندما تتعلق المقاومة بشبهة فساد لرئيس الدولة و رئيس الحكومة فإنها تصبح مقاومة سياسية لأعلى هرم السلطة ، فبذلك لم تعد تقاوم الفساد فقط وإنما تقاوم السلطة و النظام .
ومعلوم أن السلطة ستستعمل كل الوسائل الأمنية و المالية والمعنوية لمواجهة كل متهميها و أحيانا بأقصى قوة من التعسف و القمع . فالسلطة الفاسدة سرعان ما تتحول إلى سلطة ديكتاتورية قمعية لأنها تسعى للمحافظة على سلطتها أولا و مصالحها ثانيا ومصالح أتباعها ثالثا. فهي تسعى إلى توسيع نطاق فسادها على المحيطين بها ورشوتهم بجزء من منابات الفساد ليصبحوا من التابعين لها و المدافعين عنها.
تلك هي فيزيولوجيا تشكل نظام ديكتاتوري ، فساد يحمي الديكتاتورية و ديكتاتورية تحمي الفساد …
وإن محاولة إسكات صوت أي مناضل هي سياسة اعتمدت و لا تزال ، من أجل تدجين الكل واحتواء الكل و تقديم جماهير الكادحين أكلة شهية للمؤسسات المالية والشركات المحمدية والعائلة اللا الشريفة وكذا اللوبي المحاط بقصر تواركة .
و في ظل هذه الأوضاع ، يجب علينا فضح كل الوسائل الممنهجة لفضح مسلسل قمع الحريات الذي يعرفه المغرب و دعوة كافة الإطارات المكافحة إلى النضال من أجل الدفاع عن الحريات العامة ومن أجل إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين و المناضلين ، و محاسبة النظام عن نهبه لثروات بلادنا و إغراق الدولة في الديون الخارجية ، و تفقير الشعب بطريقة ممنهجة …