الناشط الحقوقي و المدون محمد قنديل : من حرارة المغرب إلى برودة أيسلندا
وكالة المغرب الكبير للأنباء
إن اتفاقية جنيف 1951 تعرف المقصود بلفظة “لاجئ”. وتجمل حقوق اللاجئ، بما فى ذلك حقوقه من قبيل حرية العقيدة والتنقل من مكان إلى آخر، والحق فى الحصول على التعليم، ووثائق السفر، وإتاحة الفرصة للعمل، كما أنها تشدد على أهمية التزاماته / التزاماتها تجاه الحكومة المضيفة. وينص أحد الأحكام الرئيسية فى هذه الاتفاقية على عدم جواز إعادة اللاجئين ـ والمصطلح القانونى هو حظر الطرد أو الرد ـ إلى بلد يخشى / أو تخشى فيه من التعرض للاضطهاد. كما أنها تحدد الأشخاص أو مجموعات الأشخاص الذين لا تشملهم هذه الاتفاقية.
كما أن المادة المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص صراحة على أن لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود.
و بما أن دولة إيسلندا ، من الدول التي وقعت على كل البروتوكولات الدولية سواء المتعلقة بحق اللجوء أو تلك المتعلقة بحرية التعبير ، فإنها من وجهة القانون الدولي ملزمة على حماية كل طالب لجوء أو كل شخص يعبر عن آراءه . و هذا ينطبق على المدون و الناشط الحقوقي و السياسي السيد محمد قنديل الذي فر من بلده ، لا من أجل تحسين وضعه المعيشي أو بسبب الفقر ، لأن في قانون اللجوء ، هناك فرق بين اللجوء السياسي و اللجوء الإنساني ، فالأول يمنح للأشخاص الذاتين الذين فروا من بلادهم لأسباب سياسية أو دينية أو عرقية ، أما الثاني أو اللجوء الإنساني ، فيمنح للأشخاص الذين فروا من وطنهم لأسباب إنسانية مثل الحروب .
و حسب قرار مكتب الهجرة و اللجوء التابع للمكتب الفيدرالي الإيسلندي ، نعتقد من وجهة نظرنا ، أنها أخطأت الفهم القانوني و التمييز بين الحالتين القانونيتين . فإن كان الناشط محمد قنديل ، فر من بلده ” المغرب ” الذي يعتبر آمنا ، فذلك لأسباب سياسية و ليس لأسباب إنسانية ، و الدليل على ذلك ارتفاع عدد معتقلي الرأي في المغرب ، و يكفي أن رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عزيز غالي ، صرح بأن عدد المعتقلين فاق 1600 معتقل منذ بداية حراك الريف شمال المغرب ، و لازالت الاعتقالات مستمرة إلى يومنا هذا .
كما أن عديد النشطاء الحقوقيين والسياسيين المغاربة يعانون من اضطهاد النظام المغربي ، داخل البلاد وخارجها، بسبب ممارسة هذا النظام لأساليب القمع التي تصل إلى حدّ الاغتيال، ما جعل العديد منهم يفرون إلى دول أوروبية بحثا عن الحماية الدولية طبقا لاتفاقية جنيف 1951 ، كي لا يكون مصيرهم كمصير عديد المعتقلين الذين يتواجدون في السجون المغربية منذ سنوات عديدة ومازالوا يواجهون مختلف أساليب التعذيب.
كما يعد محمد قنديل الذي اشتغل بشركة مدنية مهنية للمحاماة لمدة 17 سنة كمساعد محام ، من بين النشطاء الحقوقيين والسياسيين والمدوّنين، الذين عانوا من اضطهاد النظام بسبب آرائه السياسية التي تصب جميعها في معارضة سياسة النظام المغربي ، و هذا يندرج في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، فضلا عن دعمه اللامشروط لملف حقوق الإنسان بالمغرب، خاصة قضايا المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، على غرار معتقلي سيدي إفني سنة 2008، معتقلي إگدیم إزيگ 2010 ، و معتقلي حراك الريف سنة 2017، معتقلي حراك جرادة سنة 2018، إلى جانب الصحفيين المعتقلين والمدوّنين.
و سبق للناشط الحقوقي و السياسي محمد قنديل ، أن أبلغه أحد العملاء من داخل جهاز المخابرات المغربية في أواخر جوان 2023 عن وجود محاولات أمنية من أجل مراقبته وتتبع خطواته وجمع معلومات عنه استعدادا لإلقاء القبض عليه، وذلك مباشرة بعد أن أجرى بثا تلفزيونيا مع إحدى القنوات المعارضة، تطرّق خلاله لموضوع الفساد الذي ينخر المؤسسات المغربية.
وفور ورود معلومات تخص مصيره، بدأ يستعد لمغادرة المغرب رفقة أبنائه، حيث خرج بعد منتصف ليل 21 غشت 2023 من مطار محمد الخامس بمساعدة الشخص الذي أخبره عن إصدار مذكرة بحث في حقه، حيث كانت الوجهة دولة إيسلندا التي تقدّم فيها بطلب اللجوء السياسي فور وصوله بتاريخ 22 غشت من ذات السنة ، وهذه نقطة تحسب له ، لأنه تقدم بطلب اللجوء في أجله القانوني الذي لا يتعدى 7 أيام .
لكن للأسف ، بتاريخ 17 سبتمبر الماضي، أصدرت دائرة الهجرة قرارها القاضي برفض طلب اللجوء مع ترحيله لبلده الأصلي دون مراعاة الجانب الإنساني ولا الجانب النفسي، خاصة وأن معه أربعة أطفال كلهم دون السن القانوني، بعد أن قضوا بهذا البلد 13 شهرا وألفوا المجتمع الإسلندي ، و هذا يعتبر خرقا للقانون الدولي و خصوصا اتفاقية 1951 .
إن ترحيل محمد قنديل إلى بلده الأصلي ، يعني تسليمه كعكة على صحن من ذهب للمخابرات المغربية ، و هذا سيشكل خطرا حقيقيا على حياته لأن مصيره سيكون لا محالة السجن لسنوات طوال أو التصفية الجسدية ، كما سيؤدي إلى تشريد أطفاله و حرمانهم من حنان الأب و يعتبر هذا مخالفا للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي أصبحت سارية المفعول اعتباراً من 20 سبتمبر/ أيلول 1990، وصادقت عليها كل دول العالم تقريبًا. و حقوق الطفل منصوص عليها بشكل شامل في اتفاقية حقوق الطفل وتتسم بالسريان على المستوى الدولي. و تحدد هذه الاتفاقية المبادئ الأربعة التالية: الحق في الحياة والصحة، والحق في التنمية، وحظر التمييز وحماية مصالح الأطفال ، والحق في المشاركة والمشاركة في صنع القرار.
و بذاك القرار الذي اتخذته إدارة الهجرة الإسلندية سيؤدي بالسيد قنديل إلى الهلاك كما حصل مع الدكتور العسكري مراد الصغير الذي تم استدراجه من طرف الدولة المغربية بحجة المصالحة رغم أن الفقيد لم يكن معارضا للنظام الملكي أو المؤسسات الملكية ، بل كان فقط ينتقد بعض المسؤولين في الدولة ، و مع ذلك لم ترحمه المخابرات المغربية التي قامت بتسميمه و اللإلقاء بجثته في إحدى حدائق مدينة طنجة شمال المغرب ، و لما تم المطالبة بفتح تحقيق في الموضوع ، نشرت النيابة العامة بلاغا على أن الهالك توفي في المستشفى بسب نزيف دموي في المعدة ، مع العلم أنه على سيارة الإسعاف عليها قطع المسافة بين الحديقة التي ألقي فيها و المستشفى في مدة تتجاوز 20 دقيقة ما يعني أن بيان النيابة العامة كان مغلوطا ، لأن هذا النوع من النزيف يؤدي بحياة الشخص في مدة لا تتجاوز 5 دقائق على الكثير .
و تكفي التقارير الدولية التي تنشر سنويا عن حقوق الإنسان في المغرب ، سواء تلك التي يتم إنجزاها من طرف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أو تلك التي تنشرها منظفة العفو الدولية ، ناهيكم عن تقارير وزارة الخارجية الأمريكية .
إن انتقاد أي موظف في المغرب مهما كانت مكانته و صفته ، يعتبر جريمة بل أكثر من ذلك ، حيث النقد في المغرب يعتبر تمردا على الحاكم أو الملك ، بالإضافة إلى ذلك يعتبر خيانة للوطن …