المغرب بين الأزمة الاجتماعية و الضائقة المعيشية
فريد يوكاس ، صحفي باحث وناشط سياسي
إن الأزمة الاجتماعية و الضائقة المعيشية و الإحباطات النفسية و السويولوجية ، تلقي بضلالها على الإجراءات السياسية و مخططاتها التي تركت المواطن تتقاذفه الأهواء السياسية بين المد و الجزر بين ارتفاع الأسعار و تدني الأجور التي لم تعرف لحد الساعة أي زيادة ، ربما يعتقد المسؤولون على الميزانية أن زيادة الأجور تثقل كاهل الدولة و تفقدها التوازنات الماكرواقتصادية .
لنتساءل هل زيادة الأسعار لا تثقل الدولة ؟ أليست الأجور الخيالية تتعب ميزانية الشعب؟.أليس تعدد المؤسسات بدون طائل هدرا للمال العام وتؤسس على مقاسات لتوزيع الغنائم وإسكات الأفواه الغاضبة ؟
ألا يحق لنا أن نقول أن التدبير السياسي فقد رجولته الوطنية وتاه في بحر تدبير الخلافات و المشاحنات البينية التي يتم حلها وفكها على حساب أموال الشعب المغبون و المقهور و المسلوب ؟.
عندما تتحول السياسة إلى حظيرة يعيث فيها أصحاب القوة الفساد فإن مصير العباد العناد….
حكومة محكومة ادعت مواصلة الإصلاحات فسقطت في الروتين و ضياع الوقت . فهل المغرب اليوم يحتاج إلى الإصلاحات و هيكلة و زيادة الوكالات و المؤسسات ؟ ألا يحتاج إلى رجال حقيقيين يخرجونه من مشاكله بأقل تكلفة ممكنة و بأقل الخسائر و يرجعون الثقة للمواطن الذي فقد حسه ألمواطناتي بسبب الاعوجاج الأخلاقي السياسي؟.
إن المسألة التعليمية و التكوين أحد القطاعات الهامة لا زالت تحت المجهر و لعل المستويات المتدنية لأبناء المغرب لدليل قاطع على ذلك ، تلاها تقرير دولي يكشف المستور. في السياحة التي يعول عليها المغرب تعاني من الإكراهات و المنافسة واختلاط الأوراق .
ماذا أصاب التعليم ؟ كم هي الدراسات التي أعدت له و الأموال التي صرفت عليها تدل على الهذيان السياسي و فقدان الرؤية الحقيقية للقطاع و مصداقا للقول الشعبي أش خصك العريان خاتم أمولاي .
هل التعليم الذي خسرت عليه الآلاف من المليارات مند سنوات و إلى الآن و هي من أموال الشعب الفقير و لحد الساعة لا زال يئن و يتوجع من السياسات السفسطائية و أنواع من الديماغوجية البراقة و المخططات الجوفاء التي تعني عمر الوقت و أحنا ماشي سبابو .
هل يعقل مرة أخرى بعد طواف العالم الذي أنجزه السياسيون في عهد الحسن الثاني ، يأتي وزير التعليم” الله يكثر خيرو” و يعطي لشركة خاصة قطاع التعليم ” باش دير لباس” على ظهر الفقراء و المساكين بعد عزم الدولة في الكواليس خصخصته في المدى المتوسط و تشجيع القطاع الخاص؟ .
لست أناقش مسألة ضرورة استشارة السياسيين بل أناقش مسألة هذا القطاع الذي أضحى مختبرا للمخططات العرجاء و لوصفات طبية تتغير بين الفينة و الأخرى مع تغير الأشخاص كل طبيب له وصفة خاصة .
مسكين هذا التعليم” راسو رأس لمحاين” منذ ولادته و هو يعاني الأمرين ، مرض مزمن استعصى على كل الأطياف إيجاد خطة بسيطة يستعيد من خلالها عافيته و صحته ليتمكن من الاندماج المجتمعي .
لا أعتقد أن المسرحية الهزلية الدراماتيكية و المأساوية ستنتهي ، لأنني أرى أن المؤسسات المهتمة به متعددة منها ، الوزارة المعنية و المجلس الأعلى للتعليم و النقابات المصنوعة على مقاسات و الأكاديميات و البرلمان و الحكومة.
مؤسسات تعيث فوضى في قطاع استراتيجي كان الأفضل أن يعهد إلى الوزارة نفسه فقط و تحويل الاعتمادات المالية المرصودة للمجلس الأعلى للوزارة حتى تتمكن من أداء واجباته كما يجب تحديد عناصر المعنية بالتعليم و هم الوزارة و النقابات ، ينضاف إليهم أكاديميون يضعون تصور للمسألة التعليمية بحكم أنهم الأقرب منه و ليس غيرهم في إطار مجالس جهوية على الصعيد الوطني و بعد جمع الملاحظات و التوصيات ترفع إلى الوزارة لتدارسها بعناية مع ذوي الاختصاص بعدها يتم إعداد المشروع التعليمي القابل للمراجعة بين الفينة و الأخرى من منطلق مبدأ الجهوية على أساس أن يكون المشروع سياسة قطاعية و ليس مجرد حلول ترقيعية ظرفية.
إن الإكثار من المؤسسات لا يغني القطاع بقدرما يشتته بدون نتائج ايجابية و يساهم في ضبابية الصورة سواء لرجال التعليم أو المسؤولين أو الآباء .
إن السياسة أولا و قبل كل شيء فن في وضع الخطط بأبسط السبل و بأقل تكلفة ممكنة و إذا تعلمنا كيف نصل إلى هذه الثقافة فإن كل أمر عسير يسهل أمام معالجته.
إن وضع المخططات و الإكثار منها في قطاع واحد يبعثر الأوراق السياسية للدولة و يوقع الأطياف السياسية في مأزق الأزمة الشرعية السياسية مع الدولة و الشعب.
إذا كانت نتائج السنوات الماضية قد عرت القطاع فإنها بالمقابل كشفت أن المجهودات المالية و المؤسسات لم توظف جيدا و لم تكن السياسات في المستوى المطلوب و لم يكن هناك تناغم بين المعنيين بالأمر و هذا يعني أن خللا ما يكتنف المعادلة .
هل العيب في السياسة أم في الأطر أم هما معنا؟.
هل مشاركة الأحزاب تكون أثناء وضع المخطط أم بعد وضعه؟.
هل يعتبر المجلس الأعلى مؤسسة مواطنة أم مؤسسة لتبذير أموال الشعب؟.
هل ضمير مكوناته راضية على نفسها ،ألا تشعر بالخزي و العار بعد التقارير الدولية؟
هل يرى العارفون بالأمور من ضرورة للمجلس؟
إن غياب سياسة وطنية واضحة للمجالات تؤخرها إلى الوراء. كما أن المستويات الاقتصادية المؤلفة له لا توجد بينها علاقات مضبوطة الشيء الذي يعطل النمو و التنمية المستدامة.
إن باقي القطاعات الأخرى ليست أفضل حال و معنى هذا أن المشكل يكمن في كون اللعبة السياسية لم تخضع للمنطق السليم و طبائع الأشياء و منطق الأمور ، وهذا الخلل هو العيب الأكبر في اللعبة حيث أن مقاساتها لم تؤسس على روح المواطنة و مصالح البلاد و العباد و الحكامة الجيدة التي تمأسست عليها الدول…
إن اللعبة أعطت نتائج و خيمة على مستوى الاجتماعي و الاقتصادي ، فبخصوص الأول لاحت في الحياة مظاهر العنف و العنف المضاد و تبلور ليتخذ بعدا دوليا و هو ما يطلق عليه الإرهاب العالمي.
ثانيا أفرزت اللعبة السياسية ارتفاع الوقفات و الاحتجاجات و الإضرابات نتيجة حتمية لتدني مستوى التنمية و النمو الاقتصادي العام ، فالأسعار لا تواكب الارتفاع المهول في المواد الأساسية التي تعد من العناصر الأساسية في استقرار المجتمع .أما نتائجها على المجال الاقتصادي ، فالسمة البارزة هي عدم وضوح الأنشطة الصغرى و المتوسطة في البنية الاقتصادية العامة حيت أن المبادرات و المشاريع التي فتحتها الدولة مثل مبادرة التشغيل الذاتي أو مقاولاتي أو التكوين من أجل الإدماج أو غيرها من السياسات العرجاء التي لا تنفع الاقتصاد الوطني إذا كانت مغلفة بالسياسة الترقيعية و الجوفاء.حيث نلاحظ أن العديد بل الآلاف من المقاولات أغلقت لأسباب مختلفة مع العلم أنها أدخلت في الحساب و في قانون المالية عدد المناصب التي فتحتها الدولة برسم كل سنة و يتم تعتيم الرأي العام بالتوظيفات التي رصدت لكل سنة على حدة.
إن الاقتصاد لا يكون قويا إلا بالاستراتيجيات التي تقوي مناعته عبر ضبط قنواته و تنسيق آلياته مع باقي القطاعات الأخرى التي تعد هو محركها و حامها من الانزلاقات.
إن غياب الشفافية و المحاسبة و الإحصائيات الدقيقة لاقتصادنا الوطني و ارتكازه على المستوى المركزي يعيق مسلسل اللامركزية و عدم التمركز الاقتصادي الجهوي و المحلي الذي ينشده النظام المغربي .
إن الاقتصاد و باقي القطاعات الأخرى لا يمكن أن تعطي أكلها إلا بسن سياسة جهوية فعالة تعطي للأجهزة المنتخبة القدرة و الفاعلية على التحرك و خلق المبادرات و تنسيق الجهود مع باقي المتدخلين الجهويين بنوع يخفف على الدولة و بالتالي جعل الدولة فقط شريك إلى جانب الشركاء الآخرين.
الدولة القوية هي التي تجعل من الجهات الأدوات الحقيقية للتنمية المستدامة و القوية أيضا باللامركزية كخيار استراتيجي حكيم و بالتالي الإسراع في زيادة النمو الاقتصادي.
أعتقد أنه يمكن القول أن أعباء المغرب الاقتصادية و الاجتماعية يمكن أن تحل ببساطة بالاعتماد على المخططات الجهوية المتكاملة من حيث المعطيات و تحفيز الجماعات الأخرى التي تؤلف الجهة على المساهمة و المبادرة لتقوية الجهة اقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا و…. و استرجاع الأموال المهربة إلى الخارج و الأصول ، و محاربة الفساد الذي طال القصر الملكي ، حيث نجد هذا الأخير تخصص له ميزانية سنوية بملايير الدراهم من جيوب الفقراء .