التعليم في المغرب قطاع مشكلة
وكالة المغرب الكبير للأنباء
يشهد المغرب حاليا احتجاجات واسعة النطاق في قطاع التعليم، والتي تصاعدت إلى سلسلة من الإضرابات غير المسبوقة على مدى السنوات العشرين الماضية. وحتى خلال الحركة الاحتجاجية التي هزت الدول العربية عام 2011، لم تصل الإضرابات إلى هذا النطاق. وعلى الرغم من المشاركة النشطة للمعلمين في هذه المظاهرات، والتي أدت إلى غضب واضح في الشوارع، إلا أن الحكومة ما زالت عاجزة عن تهدئة الوضع .
ومنذ إدخال العمل التعاقدي في وزارة التربية الوطنية سنة 2016، ارتفع عدد الإضرابات بشكل ملحوظ. تم إغلاق المدارس لمدة 195 يومًا في السنوات الأربع الماضية، وفقًا للرابطة الوطنية لجمعيات الآباء والمعلمين. ومع ذلك، وصلت الأزمة الحالية إلى أبعاد غير مسبوقة مع بداية العام الدراسي الحالي، مع تعليق الدراسة لأكثر من شهر ونصف، أي تقريبًا كامل المدة المقررة للفصل الدراسي الأول. بالإضافة إلى ذلك، فإن عدد المشاركين في الإضراب أعلى مما كان عليه في السنوات السابقة، حيث انضمت مجموعات أخرى من خارج أعضاء هيئة التدريس إلى الحركة، وتتزايد سنة بعد سنة.
دعونا نلقي نظرة على تاريخ احتجاجات المعلمين في المغرب على مدى السنوات العشرين الماضية. وكانت حركات الإضراب هذه في كثير من الأحيان معزولة، بقيادة مجموعات محددة ذات مطالب قطاعية خاصة. كان تأثيرها على الأداء الأكاديمي للطلاب محدودًا بشكل عام، وذلك بسبب انخفاض عدد أيام الإضراب وقلة عدد المضربين. ولكن منذ عام 2016، حدث تغيير جوهري في طريقة التوظيف التي تتبعها وزارة التربية الوطنية، حيث انتقلت من التوظيف العام إلى التوظيف التعاقدي عبر أكاديميات التعليم والتدريب الجهوية. وهكذا، أصبح المطلب الرئيسي لجميع الإضرابات هو دمج هؤلاء الموظفين في الخدمة العامة.
ومع تراجع القدرة الشرائية للمواطنين والتزام الحكومة بزيادة رواتب المعلمين الجدد بـ 2500 درهم، أخذت المطالب المادية الأولوية في هذه الحركة الاحتجاجية في قطاع التعليم. وبالمثل، زادت توقعات المعلمين من خلال الزيادات في الرواتب الممنوحة للقطاعات الحكومية الأخرى. ورغم أن إصلاح التعليم الأساسي والتدريب أدخل تحسينات استجابة لبعض المطالب، إلا أنه لم يلب التوقعات من حيث الاندماج في الخدمة المدنية وزيادة الحد الأدنى لأجور المعلمين المبتدئين، كما اعترف وزير التربية والتعليم نفسه.
علاوة على ذلك، فإن اعتماد ممارسات معينة للإدارة العامة الجديدة، مثل التقييم المنتظم والترقية على أساس الأداء، وإسناد مهام جديدة إلى المعلمين دون تحديد ساعات العمل، قد ولّد توترات وشعورًا بالضيق داخل قطاع التعليم. يجد المعلمون أنفسهم في وضع غير مريح، كما عبروا عن ذلك خلال مظاهرة يوم 5 أكتوبر/تشرين الأول. وبدلا من الاستجابة بجدية وحذر لهذه الرسالة، أصدرت الحكومة مرسوما مثيرا للجدل يروج للإنجازات التي تتضمنها، متجاهلة بذلك هموم المعلمين. بل إن المسؤولين الوزاريين زعموا أن هذا النظام الجديد كان إيجابيا تماما، وبالتالي تجاهلوا الانتقادات.