الجزائر تسعى لكسب حلفاء جدد مع تعزيز فرنسا لعلاقاتها مع المغرب
الجزائر تسعى لكسب حلفاء جدد مع تعزيز فرنسا لعلاقاتها مع المغرب
وكالة المغرب الكبير للأنباء: بينما تعمل فرنسا والمغرب على تشكيل تحالف أقوى، ترى الجزائر أن موقفها يتعرض للتهديد بشكل متزايد، وأن المجتمع الدولي يتجاهل دعمها الطويل الأمد لجبهة البوليساريو.
أثارت زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب في الفترة من 28 إلى 30 أكتوبر/تشرين الأول الجاري انتقادات شديدة وغضبا من الجزائر.
وتسببت الزيارة، التي تهدف إلى تعزيز العلاقات الفرنسية المغربية، في مزيد من التوتر في العلاقات بين الجزائر وفرنسا، ما دفع الجزائر إلى البحث عن تحالفات جديدة في المنطقة.
وبحسب إذاعة فرنسا الدولية (RFI)، تعرضت تصريحات ماكرون في الرباط بشأن السيادة المغربية على الصحراء الغربية لانتقادات شديدة في الجزائر.
وقال خليل عبد المالك، طالب علم الاجتماع السياسي، لإذاعة فرنسا الدولية: “إن الرئيس الفرنسي يتجاهل عمدا تطلعات الشعب الصحراوي في تقرير المصير. وهذا الدعم الذي يقدمه للمغرب يعزز صورة فرنسا كدولة مستعدة للتضحية بمبادئ العدالة من أجل مصالحها الجيوستراتيجية”.
كما نقلت إذاعة فرنسا الدولية عن الصحفي الجزائري عدلان مدي توقعه تفاقم الأزمة بين الجزائر وباريس بسبب موقف ماكرون من الصحراء الغربية .
تحولت فرنسا من مجرد كلام إلى أفعال ملموسة عندما أعلن وزير الخارجية جان نويل بارو أن فرنسا سوف تزيد من حضورها القنصلي في الصحراء الغربية.
علاوة على ذلك، خلال التصويت الأخير في مجلس الأمن الدولي، كرر سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة، نيكولا دي ريفيير، دعم بلاده الثابت لموقف المغرب، موضحا أنه حتى على الساحة الدولية، تقف فرنسا بقوة وراء المغرب.
وقال مدي إن “فرنسا تضحي بعلاقاتها مع الجزائر بطريقة وحشية ومذهلة إلى حد ما”، مضيفا “سندخل مرحلة جديدة من الأزمة ستستمر لفترة أطول بكثير من الأزمات الأخرى”.
لكن ماكرون زعم في خطابه أمام البرلمان المغربي يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول أن موقف فرنسا “ليس معاديًا لأحد” وأن الموقف الفرنسي الجديد بشأن الصحراء متجذر في التاريخ.
وفي معرض رده على العلاقات المتنامية بين فرنسا والمغرب، أشار إذاعة فرنسا الدولية إلى أن المراقبين أشاروا إلى جهود الجزائر لبناء تحالفات جديدة في منطقة المغرب العربي مع ليبيا وتونس، في محاولة لعزل المغرب.
علاوة على ذلك، شرع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مؤخرًا في أول رحلة خارجية له منذ إعادة انتخابه في سبتمبر/أيلول، حيث زار مصر وسلطنة عمان لتعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية.
أعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال زيارة تبون للقاهرة، عن استعداد بلاده للعمل في مشاريع البنية التحتية والتنمية الحضرية في الجزائر، وكذلك الاستثمارات في قطاع الطاقة.
وبعد زيارته لمصر التي استغرقت يومين، سافر تبون إلى سلطنة عمان في زيارة دولة تستغرق ثلاثة أيام، وهو ما يؤكد رغبة الجزائر في إقامة شراكات جديدة.
وكانت الصحافة الجزائرية أيضًا صريحة في انتقادها لزيارة ماكرون .
نشرت صحيفة الوطن اليومية الناطقة بالفرنسية مقالا بعنوان “ماكرون يخرق القانون الدولي”، مشيرة إلى أن الدعم الفرنسي المتزايد لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية “لم يمر دون عواقب في الجزائر، مما تسبب في أزمة عميقة بين البلدين”.
وأضافت الصحيفة أن ماكرون، بخطابه أمام البرلمان المغربي، حيث أكد أن “الحاضر والمستقبل” للإقليم “جزء من السيادة المغربية”، “يضيف طبقة أخرى… على حساب قطع خيط أريادن الذي لا يزال يربطه بالجزائر العاصمة”.
واعتبر موقع “TSA” الإخباري أن التقارب بين فرنسا والمغرب “تم على حساب الشعب الصحراوي وبدعم من جماعات الضغط الفرنسية المعادية للجزائر”.
ومع ذلك، اقترحت وكالة أنباء “أسوشيتد برس” أيضًا أن ماكرون “سيضطر إلى المغادرة وحقائبه فارغة تقريبًا” في مقابل الدعم المقدم للمغرب، ووصفتها بأنها “صفقة أحمق” حيث أن الموقف الفرنسي بشأن الصحراء الغربية “رمزي، بدون أي قيمة قانونية”.
وقالت صحيفة الشروق، المقربة من الحكومة، إن “كل الأهداف التي بناها ماكرون في علاقاته بالجزائر لم يتحقق منها شيء”، وإنه “رغم محاولات الرئيس الفرنسي التقارب مع الجزائر منذ 2020 (…) فإن باريس تواصل خسارة المصالح الاقتصادية القليلة المتبقية لها”.
وبينما توقع فرنسا والمغرب صفقات تقدر قيمتها بنحو 10 مليارات يورو في قطاعي الطاقة والبنية التحتية، يبدو أن الجزائر تبحث عن شراكات استراتيجية جديدة لمواجهة النفوذ المتزايد للتحالف الفرنسي المغربي.
إن رد الفعل العنيف من جانب الصحافة الجزائرية والجهود الدبلوماسية التي تبذلها البلاد لتعزيز العلاقات مع مصر وسلطنة عمان وليبيا والسودان لا يظهر إلا محاولات الجزائر اليائسة لإنقاذ نفوذها المتضائل في المنطقة.
وفي محاولة لمواجهة ما تعتبره تجاهلاً صارخاً للقانون الدولي وتهديداً مباشراً لمصالحها، تسعى الجزائر جاهدة إلى تشكيل تحالفات جديدة وحماية ما تبقى لها من نفوذ ضئيل.