المغرب: العطاء مقابل الولاء السياسي الأعمى للنظام الديكتاتوري
إن عملية التفريط في ممتلكات الشعب مستمرة حتى الآن بل ممنهجة وتخضع لمبدأ «العطاء مقابل الولاء السياسي الأعمى للنظام الديكتاتوري »، وهي التساهل مع استغلال ممتلكات الأمة والشعب دون وجه حق. وتبرز التقارير الدولية مستوى الفساد الكبير في المغرب، كما يتظاهر المغاربة لاسترداد ممتلكاتهم كما يقع مع ما يعرف بـ»الأراضي السلالية». وإذا كان رجال أعمال في دول ديمقراطية قد نجحوا بفضل العمل الحقيقي وتكافؤ الفرص والأجواء السليمة لممارسة النشاط الاستثماري، فالأمر يختلف في المغرب، إذ أن جزءا من الأغنياء مروا بالبرلمان والبلديات ومن المقربين من دائرة القصر ، وهذا يعني مدى ارتباط الغنى بالسياسة أو بعبارة أخرى الولاء للمخزن المتعفن.
وإذا كانت حرية التعبير ضرورة للتقدم الديمقراطي، فالأمر نفسه مع حماية ممتلكات الشعب من الاستغلال والنهب لأنها تضع حدا لسياسة «العطاء مقابل الولاء». ومن ضمن التجارب القريبة من المغرب هناك تجربة إسبانيا والبرتغال، ففي أعقاب الانتقال الديمقراطي في أواسط السبعينات، عمل مواطنو البلدين على حماية الحقوق السياسية من حرية تأسيس الأحزاب وحرية التعبير، وانتقلوا لاحقا إلى حماية ممتلكات الشعب من الاستغلال، ويجدون في القضاء وأجهزة الأمن خير مساعد. وتعيش إسبانيا حاليا عشرات المحاكمات بعدما انتفض الحقوقيون من أجل الدفاع عن ممتلكات الشعب من الاختلاس.
ويحتاج المغرب في الوقت الراهن إلى وعي حقوقي جديد يتجلى في تأسيس لجان وظهور صحافة متخصصة في مراقبة ممتلكات الشعب من النهب، وهذا لتحقيق هدفين: الأول وهو الدفع بتطوير الديمقراطية المغربية في ظل تقاعس النظام عن حماية ممتلكات الأمة، وثانيا الدفاع عن ممتلكات الشعب قد يجنب المغرب الأسوأ مستقبلا بعدما بدأت مناطق بالكامل تطالب بحقها من موارد البلاد كما يحدث الآن في منطقة الريف التي تنتفض منذ شهور مطالبة بخدمات اجتماعية مثل المستشفى والجامعة.
ورغم وجود بعض المبادرات في هذا المجال، لكنها تواجه عائقين، الأول وهو عدم التزام الدولة التزاما حقيقيا بمحاربة الفساد والنهب، ولا يمكن لدولة رخصت باستحواذ موظفين على أراضي الشعب باسم “خدام الدولة” في أكبر الفضائح التاريخية للفساد أن يتم الثقة فيها لمحاربة الفساد، وثانيا، هو عدم الانفتاح الكبير لجمعيات محاربة الفساد على الشعب مباشرة للتعريف بعملها وتطوير أسس التواصل لأنها جمعيات تم تأسيسها لخدمة النظام بدل المواطن.
وتبرز التجارب التاريخية أنه عندما تتحرك الشعوب حول أجندة اجتماعية بعدما لم تعد تستحمل القهر والنهب، وقتها تدخل البلاد في مرحلة نحو المجهول خاصة في ظل غياب وعي من طرف الملك الذي يهتم فقط بتنمية ثرواته بطريقة أو أخرى. ومن لم يصدق، فليتساءل: لماذا ارتفعت ثروة بعض المسؤولين ودخلوا مجلة فوربس للأغنياء بينما ارتفع الفقر في المغرب كما ارتفعت المديونية الى مستويات خانقة. المقارنة تنفع كثيرا لفهم الأشياء…
بقلم : فريد بوكاس
صحفي باحث و ناشط سياسي