التطبيع الأكاديمي مع إسرائيل لا يزال يثير الغضب في المغرب
يتظاهر آلاف الطلاب والأكاديميين المغاربة ضد شراكات الجامعات الإسرائيلية المغربية المتنامية، ما يؤدي إلى تصاعد التوترات بشأن التطبيع الأكاديمي وسط الإبادة الجماعية المستمرة في غزة . وقد أثار القرار الذي اتخذته مؤخرا جامعة عبد المالك السعدي بتطوان بإدراج الجنسية الإسرائيلية كخيار للتسجيل في برنامج الماجستير جدلا شرسا ومعارضة في المغرب .
وتأتي هذه الخطوة، التي اعتبرها كثيرون تصعيدًا مثيرًا للقلق في التطبيع الأكاديمي مع إسرائيل، وسط العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة في غزة والتي أسفرت عن سقوط آلاف الضحايا الفلسطينيين .
و كانت و سائل الإعلام المحلية أول من أورد خبر إدراج الجنسية الإسرائيلية ، مما أثار ردود فعل الطلاب و الأكادميين و الجماعات المناهضة للتبطبيع في جميع البلاد . ويقول المنتقدون إن القرار يقوض الدعم طويل الأمد للقضية الفلسطينية في المغرب ويفتح الباب أمام المزيد من النفوذ الإسرائيلي في المؤسسات المغربية .
كما وصف عزيز هناوي، الأمين العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع ، أن ما تقدم عليه الجامعة : بالخطير للغاية و أحد أشد أشكال التطبيع حدة . وحذر هناوي من أن السماح للطلبة الإسرائيليين بدخول الجامعات المغربية قد يفتح الباب أمام التجسس وسرقة الأبحاث العلمية، وقال: “هذا يمنح الصهاينة فرصا عديدة للتجسس المباشر والتسلل إلى البحث العلمي المغربي من داخل المختبرات والمعاهد”. “كما أنها تسمح بالتغلغل بين الطلاب وتجنيد الباحثين لخدمة أجندة اختراق الجامعة والقطاعات الصناعية والاقتصادية والثقافية.”
واعتبر الناشط المناهض للتطبيع أن هذه الخطوة تأتي في إطار جهود التطبيع الرسمية الأوسع نطاقا والتي “تُفرض بشكل استبدادي ضد الإرادة الشعبية التي ترفضها”، مشيرا إلى أن طلاب وأساتذة جامعة عبد المالك السعدي وقعوا على عريضة ضد التطبيع قبل أشهر، إلا أن “إدارة الجامعة تصر على تحدي طلابها وأساتذتها “.
وأعربت عروة الدبوني، طالبة الدكتوراه وعضو اللجنة الوطنية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، عن هذه المخاوف ، قائلة لـ«مون بلانيت» إن القرار «يتعارض مع إرادة الطلبة والجمهور في رفض التطبيع ومعارضته بكل أشكاله»، مؤكدة أنه «يوضح مدى تسلل النفوذ الصهيوني إلى هذه الجامعات المغربية» على الرغم من العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة في غزة.
وأشارت إلى أن بعض الجامعات المغربية، ومنها كلية الآداب بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء وكلية العلوم بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، مكنت الطلبة الإسرائيليين من استكمال برامج الماجستير في المغرب بعد تخرجهم من جامعات الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأكدت الدبوني أن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب سيعمل على محاربة كل أشكال التطبيع الأكاديمي إلى غاية سحب اتفاقية التطبيع، مضيفة “نحن الطلبة المغاربة نرفض بشدة هذا الخيار المتهور الذي اتخذته هذه الجامعات المغربية ونحملها المسؤولية الكاملة”.
رد الجامعة
في الثاني والعشرين من سبتمبر/أيلول، أصدرت جامعة عبد المالك السعدي بياناً نفت فيه بشكل قاطع تبنيها الجنسية الإسرائيلية كخيار للتسجيل. وأعربت الجامعة عن “دهشتها واستنكارها” لما وصفته بالادعاءات الكاذبة في التقارير الإخبارية الأخيرة. وجاء في البيان أن “رئاسة جامعة عبد المالك السعدي تعتبر نشر هذه النصوص في هذا الظرف الحساس، خطوة غير مدروسة تهدف إلى النيل من العمل الأكاديمي والعلمي الجاد والمواطن”، واتهمت من وراء هذه التقارير بالسعي إلى الإضرار بسمعة البلاد والجامعة.
وأكدت الجامعة التزامها بالتعليم العالي الجودة والبحث العلمي، كما أكدت أن أبوابها تظل مفتوحة أمام الصحافيين للتحقق من المعلومات، محذرة من “الوقوع في فخ الابتزاز” الذي تتعرض له مؤسساتها في بداية العام الدراسي الجديد.
خلفية عن “التطبيع الأكاديمي”
ويعد الجدل الدائر في جامعة عبد المالك السعدي أحدث بؤرة اشتعال في التوترات المستمرة بشأن التعاون الأكاديمي بين المؤسسات المغربية والإسرائيلية منذ تطبيع المغرب للعلاقات مع إسرائيل في أواخر عام 2020.
وفي يونيو/حزيران الماضي، وقع أكثر من 600 أستاذ وموظف في جامعة عبد المالك السعدي على عريضة تطالب بإلغاء اتفاقية الشراكة مع جامعة حيفا في إسرائيل. وطالبت العريضة أيضًا بإنهاء جميع أشكال التطبيع مع إسرائيل ومؤسساتها الأكاديمية.
تبع ذلك حملة أوسع ضد التطبيع الأكاديمي أطلقها آلاف الطلاب المغاربة في يوليو/تموز. وفي عريضة موجهة إلى وزارة التعليم العالي ورؤساء الجامعات، طالب الطلاب بالتراجع الفوري عن اتفاقيات التطبيع وإلغاء جميع الشراكات مع الكيانات الإسرائيلية.
بدأت عملية التطبيع الأكاديمي في فبراير/شباط 2021، عندما اتفق وزيرا التعليم في المغرب وإسرائيل على إطلاق برنامج تبادل الوفود الطلابية وإقامة مسابقات تعليمية باللغتين العربية والعبرية. وقد واجهت هذه الخطوة الأولية معارضة شديدة من الجمعيات والمنظمات المغربية المناهضة للتطبيع.
ورغم المعارضة، وقع وزير التعليم العالي المغربي في مايو/أيار 2022 أول اتفاقية تعاون بين الجامعات ومراكز الأبحاث المغربية والإسرائيلية مع نظيره الإسرائيلي.
وفي الآونة الأخيرة، أعلنت جماعات مناهضة للتطبيع عن خططها لتقديم شكوى قانونية ضد أعضاء وفد شبابي مغربي زار إسرائيل في يوليو/تموز. وتزعم الشكوى، التي قدمت إلى النائب العام في الرباط، أن الزيارة تشكل دعماً للأعمال العسكرية الإسرائيلية في غزة وتتطلب المساءلة القانونية.
ويأتي الجدل حول التطبيع الأكاديمي على خلفية الحملة الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل في غزة، والتي تقول السلطات الصحية في غزة إنها أسفرت عن مقتل أكثر من 41 ألف فلسطيني منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
لقد أدى ارتفاع عدد القتلى والدمار في غزة إلى تأجيج الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في جميع أنحاء المغرب، حيث دعا العديد منهم إلى إنهاء التطبيع مع إسرائيل. ومع ذلك، لم تعلق الحكومة المغربية رسميًا على الخلافات الجامعية الأخيرة أو الشراكات مع المؤسسات الإسرائيلية .